أطلق الجيش الإسرائيلي، صباح اليوم (الثلاثاء)، عملية إخلاء واسعة لسكان مدينة غزة، بعدما تحولت التحذيرات السابقة إلى أوامر مباشرة بمغادرة المدينة عبر شارع الرشيد باتجاه المنطقة الإنسانية الجديدة في المواصي بخان يونس.
أبعاد إنسانية متصاعدة
وفق التقديرات الإسرائيلية، ما زال نحو 800 ألف مواطن داخل مدينة غزة، فيما يتوقع أن يرفض قرابة 300 ألف آخرين مغادرة شمال القطاع رغم الضغوط المتزايدة. في المقابل، بدأ آلاف المدنيين بالفعل بالنزوح في مجموعات صغيرة جنوبًا، مع توقعات بتسارع وتيرة الإخلاء في الأيام المقبلة.
المنطقة الإنسانية التي أُنشئت في المواصي تشمل مستشفى ميداني، خطوط مياه، محطات تحلية، ومرافق لإيواء النازحين، إضافة إلى إدخال مساعدات غذائية وطبية وأدوية عبر منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية وبالتنسيق مع أطراف دولية.
الموقف الأمني والسياسي
مصدر أمني إسرائيلي قال: "المبادرة الأميركية هي الملاذ الأخير لحماس قبل توسع العملية البرية. إذا لم يوافقوا عليها، فسيواصل الجيش الإسرائيلي عملياته بقوة داخل غزة."
وفي الوقت ذاته، نقلت وكالة رويترز أن رئيس الوزراء القطري مارس ضغوطًا على قيادة حماس في الدوحة للرد إيجابًا على المقترح الأميركي الأخير.
جوهر مقترح ترامب
المبادرة الأميركية، التي أعلنت إسرائيل دعمها رسميًا، تنص على:إفراج حماس عن جميع المختطفين الإسرائيليين الأحياء خلال 48 ساعة من بدء تنفيذ الاتفاق.
مقابل ذلك، إطلاق سراح أسرى فلسطينيين بمن فيهم محكومون بالسجن المؤبد، وفق آليات تبادل متفق عليها مسبقًا.
وقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا أو حتى انتهاء المفاوضات، بوجود ضمانة شخصية من ترامب.
انسحاب إسرائيلي تدريجي من القطاع، مع تنفيذ الجزء الأكبر منه فور اتمام صفقة التبادل.
مفاوضات أوسع تشمل إقامة سلطة بديلة في غزة ونزع سلاح حماس.
المعضلة أمام حماس
داخل أروقة حماس، يدور نقاش داخلي حول ما إذا كان بالإمكان قبول هذه الشروط. مصادر في حماس أكدت أنها ترفض الإفراج عن جميع المختطفين دفعة واحدة خشية أن تستغل إسرائيل ذلك لاستئناف الحرب. كما اعتبرت أن المبادرة ليست سوى مقترح إسرائيلي "مغلّف بغطاء أميركي" يهدف إلى تحميل حماس مسؤولية إفشالها ومنح إسرائيل شرعية لمواصلة القتال.
المشهد الراهن
بينما تسرّع إسرائيل خطواتها الميدانية لإخلاء مدينة غزة، تبقى المفاوضات السياسية عالقة بين قبول إسرائيلي معلن للمقترح الأميركي، وتحفظات مصرية وقطرية، وتردد حماس. وفي ظل هذا التباين، يواجه مئات الآلاف من سكان غزة معضلة النزوح أو البقاء تحت القصف، فيما تقترب العمليات البرية من قلب المدينة.