في ظل تصاعد النقاشات حول قانون جديد يُمنح بموجبه مراقبو السلطات المحلية صلاحيات موسّعة، حذّر المحامي محمد قدح من جمعية "محامون من أجل إدارة سليمة" من تداعيات هذا القانون، خاصة في البلدات العربية التي تعاني أصلًا من غياب أجهزة فعالة لتطبيق القانون.
وفي مقابلة له على "راديو الناس"، أوضح قدح أن القانون الجديد يأتي بديلاً عن قانون مؤقت سُن عام 2011، والذي كان يمنح المراقبين صلاحيات محدودة ومؤقتة للمساهمة في مهام الشرطة، خصوصًا في مواجهة العنف. أما الآن، فالقانون المنتظر سيُثبّت الصلاحيات ويُوسّعها، بما يسمح للمراقبين البلديين باتخاذ إجراءات فورية حتى قبل وصول الشرطة، وذلك في حال وقوع أعمال عنف أو مخالفات جنائية.
المحامي محمد قدح: السلطات المحلية العربية لن تكون مهيّأة لتطبيق القانون
غرفة الأخبار مع عفاف شيني
06:07
"الصلاحيات توسعت... لكن تطبيق القانون ليس إلزاميًا"
أشار قدح إلى أن "القانون الجديد يمنح الصلاحيات لكنه لا يُلزم السلطات المحلية بإنشاء جهاز محلي لتطبيق القانون، بل يترك لها حرية القرار"، مشددًا على أن "تطبيق هذه الصلاحيات منوط برغبة السلطة المحلية وخياراتها، وهو ما يُثير تساؤلات حول مدى جدية التنفيذ، خاصة في بلداتنا العربية".
وأضاف: "الاقتراح الجديد قد يكون قابلاً للتطبيق فقط في السلطات التي تمتلك أصلاً جهازاً محلياً لتطبيق القانون. أما السلطات المحلية العربية، فغالبًا لن تكون مهيّأة أو راغبة بتطبيقه."
معايير الرقابة.. ومخاوف من التجاوزات
ورغم التأكيد على أن القانون يضع سلسلة من الضوابط، مثل إلزامية الحصول على مصادقات خاصة وإمكانية تقديم شكاوى ضد أي مراقب يتجاوز صلاحياته، إلا أن المحامي قدح يشدد على أن الرقابة تبقى غير كافية لضمان عدم إساءة استخدام هذه الصلاحيات، لا سيما في مجتمعات تفتقر لثقافة الشفافية والمحاسبة.
وأوضح: "المراقبون البلديون لا يتحولون إلى رجال شرطة، لكنهم سيكونون مخولين باتخاذ إجراءات مؤثرة في الفضاء العام، من هنا تبرز الحاجة إلى رقابة حقيقية لضمان عدم الانحراف في استخدام هذه السلطة."
مساس بجودة حياة المواطنين
وتوقف قدح عند ما وصفه بـ"غياب شبه تام لأجهزة تطبيق القانون في السلطات المحلية العربية"، قائلًا إن كثيرًا من المخالفات البسيطة لا يُطبّق فيها القانون، مثل: احتلال الأرصفة وترك نفايات في الأماكن العامة، وجود أكشاك غير مرخصة داخل المدارس، محطات وقود تعمل بدون ترخيص.
وقال في هذا السياق: "تخلي السلطات المحلية عن دورها في تطبيق القانون أدى إلى مساس مباشر بجودة حياة المواطنين، وانتهاك صارخ للحيز العام."
كما أشار إلى أن التجربة في بلديات يهودية كبرى مثل تل أبيب تظهر إمكانيات أوسع لتطبيق القانون، حتى في قضايا تتعلق بالسير والمواصلات، على عكس ما يحدث في الكثير من البلدات العربية.