مع فوز زهران ممداني بمنصب عمدة مدينة نيويورك، سُلَّطت الأضواء الإعلامية على زوجته راما دوجي، الفنانة السورية-الأمريكية، التي باتت أصغر من يتولّى دور السيّدة الأولى في تاريخ المدينة. ورغم أنّ حضورها العام كان محدودًا طوال فترة الحملة، إلا أنّ تأثيرها ظهر بوضوح خلف الكواليس. فماذا نعرف عنها؟
دوجي، البالغة من العمر 28 عامًا، تنتمي إلى عائلة سوريّة الأصل؛ وُلدت في هيوستن وعاشت طفولتها ومراهقتها بين الولايات المتحدة ودبي، قبل أن تتابع دراستها الجامعية في كلّية الفنون بجامعة فرجينيا كومنولث، وتحصل لاحقًا على الماجستير في الرسم التوضيحي من كلّية الفنون البصرية في نيويورك.
ورغم حضورها الإعلامي المحدود وتفضيلها البقاء خلف الكواليس، برز تأثيرُها في الحملة الانتخابية لممداني؛ إذ شاركت في تصميم الهوية البصرية لحملته، بما في ذلك الشعارات والألوان التي ظهرت في المواد الانتخابية، وساهمت في تعزيز حضوره الرقمي على منصّات التواصل الاجتماعي. ورغم تجنّبها المناظرات والفعاليات العامّة، ظهرت في التجمّعات الجماهيرية الحاشدة وفي لحظات محوريّة، أبرزها مرافقة زوجها خلال الإدلاء بصوته في الانتخابات التمهيدية، ثمّ انضمامها إليه على المسرح خلال خطاب الفوز.
بعيدًا عن السياسة، تتمتّع دوجي بمسيرة فنّية لافتة؛ فمع انتقالها إلى المدينة قبل سنوات قليلة فقط، استطاعت أن تخلق لنفسها حضورًا في الأوساط الفنّية من خلال الرسم التوضيحي والرسوم المتحركة والأعمال الخزفية. وقد نُشرت أعمالُها في مؤسّسات ثقافية وإعلامية بارزة، من بينها Vogue وThe New Yorker وBBC وWashington Post ومتحف Tate Modern، وتعاونت مع شركات مثل Apple وSpotify وVice.
"الأميرة ديانا الحديثة"
ومن اللافت أنّ الجانب الإنساني والاجتماعي يشكّل جزءًا أساسيًا من مقاربتها الفنّية، سواءً من خلال تصوير النساء، وتناول الاحتجاجات والهوية الثقافية، وطرح قضايا العدالة الاجتماعية ضمن إطار فنّي خاصّ. ولقد ارتبط اسم دوجي بالقضية الفلسطينية خلال الفترة الماضية، حيث ظهر دعمُها في عدد من أعمالها المنشورة عبر منصّات التواصل الاجتماعي، التي يتابعها أكثر من مئتيّ ألف متابع، تضمّنت العلم الفلسطيني وصورًا تعبّر عن الواقع الإنساني في غزة. وقد وصفها أحد المقرّبين منها بأنّها "الأميرة ديانا الحديثة"، بينما أشارت أستاذة في جامعة ألباني إلى أنّ وجود سيّدة أولى لها هوية ناشطة يُعَد تطوّرًا معاصرًا، وأنّ دورها يمكن أن يكون فعّالًا دون التخلّي عن فنّها كوسيلة تعبير سياسي.
على الصعيد الشخصي، تعرّفت دوجي على ممداني عبر تطبيق مواعدة، قبل أن يتزوّجا في نيويورك عام 2024. وكان ممداني قد وصفها سابقًا بأنها ليست فقط شريكته في الحياة، بل "فنّانة تستحقّ أن تُعرَف بأسلوبها الخاصّ"، في إشارة إلى رغبتهما في إبقاء حياتهما بعيدًا عن الاستعراض السياسي.
وبينما لا يزال الدور الرسمي الذي ستلعبه دوجي خلال الفترة القادمة غير واضح، إلا أنّ طبيعة حضورها العام، ومسيرتها الفنّية، وميلها للتعبير الثقافي على حساب الظهور السياسي المباشر، كلّها تشير إلى توقّعات بمسار مختلف عن الصورة التقليدية المرتبطة بزوجات السياسيين، واحتمال ظهور نموذج مختلف لدور "السيدة الأولى" في نيويورك، يقوم على المشاركة الثقافية والوعي الاجتماعي بعيدًا عن الطابع البروتوكولي التقليدي.


