بورصة تل أبيب تحت مجهر المستثمرين: أربعة سيناريوهات ترسم المسار المالي لسوق الأسهم

في ظل استمرار الحرب في غزة وفي ظل الضغوط الدولية المتزايدة، تواجه الأسواق الإسرائيلية أربعة سيناريوهات محتملة سترسم وجه بورصة تل أبيب، تتراوح بين إنهاء الحرب والانتخابات المبكرة إلى استمرار القتال دون تغيير سياسي، مع تأثيرات متباينة على الاستثمارات والاقتصاد والناتج المحلي والتخضم، وعلى سوق الأسهم والسندات 

3 عرض المعرض
بورصة تل ابيب صورة عامة
بورصة تل ابيب صورة عامة
بورصة تل ابيب صورة عامة
(فلاش 90 )
رغم استمرار الحرب في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر عام 2023، سجلت مؤشرات بورصة تل أبيب أرقاماً قياسية جديدة، مدفوعة بتوقعات متزايدة بإمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. غير أن المستثمرين لا ينظرون إلى المشهد من زاوية واحدة، بل يحللون أربعة سيناريوهات سياسية واقتصادية مختلفة قام بتوضيحها تحليل نُشِر في موقع ذاماركر، يحمل كل منها تداعيات مباشرة على أداء الأسواق الإسرائيلية خلال الأشهر المقبلة.
إنهاء الحرب مع الذهاب إلى انتخابات مبكرة: السيناريو الأكثر تفاؤلاً للأسواق
يعتبر هذا السيناريو الأفضل من حيث تأثيره على بورصة تل أبيب وسوق السندات. وقف الحرب سيعني تراجع المخاطر الجيوسياسية التي دفعت المستثمرين الأجانب إلى تقليص استثماراتهم في إسرائيل منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023. أما الدعوة لانتخابات جديدة، فستفتح الباب أمام احتمال تغيير تركيبة الحكومة، وهو ما يراه المستثمرون فرصة لمعالجة أزمات السياسة الداخلية التي خيمت على السوق منذ بدء الصراع القضائي حول إصلاح النظام القضائي الإسرائيلي.
في هذا السيناريو، من المتوقع أن ينعكس الاستقرار الأمني والسياسي على العملة، حيث يشير الخبراء إلى أن الشيكل قد يشهد مزيداً من التعافي بعد أن بدأ بالفعل في التماسك خلال الأسابيع الأخيرة. كما سيشهد سوق الأسهم ارتفاعاً واضحاً بدعم من تدفق الاستثمارات الأجنبية مجدداً.
3 عرض المعرض
قوات الجيش الاسرائيلي في غزة
قوات الجيش الاسرائيلي في غزة
قوات الجيش الاسرائيلي في غزة
(Flash 90)
في المقابل، قد لا تنخفض أسعار الفائدة سريعاً نظراً لاحتمال تصاعد الطلب الاستهلاكي مجدداً، ما يخلق ضغوطاً تضخمية مؤقتة مع بدء التعافي الاقتصادي. وفي هذا السيناريو، ستكون عوائد السندات طويلة الأجل مرشحة للتراجع نتيجة تحسن التصنيف الائتماني وتراجع عجز الميزانية المتوقع في ظل تقليص الإنفاق العسكري.
استمرار الحرب دون انتخابات مبكرة: السيناريو الأخطر على الاستقرار الاقتصادي
هذا السيناريو يمثل استمرار الوضع الحالي، حيث تبقى الحكومة على ما هي عليه الآن دون إجراء انتخابات، بينما تستمر العمليات العسكرية بوتيرة عالية لفترة طويلة. التداعيات الاقتصادية في هذا السيناريو ستكون أكثر عمقاً، إذ أن استمرار الإنفاق العسكري سيؤدي إلى زيادة عجز الموازنة بشكل متسارع، مع توقعات بأن يضطر صانعو القرار إلى فرض ضرائب إضافية وتقليص موازنات القطاعات المدنية لسد الفجوة المتزايدة.
تتوقع وزارة المالية بالفعل أن تمتد العمليات العسكرية حتى نهاية الربع الثاني من عام 2025، وهو ما يتم أخذه بعين الاعتبار حالياً لدى الأسواق. فاستمرار الحرب سيؤدي أيضاً إلى تعطل مسيرة التعافي الاقتصادي وتأجيل عودة الناتج المحلي إلى مستوياته الطبيعية، ما قد يدفع معدلات البطالة للارتفاع تدريجياً مع اضطرار الشركات إلى تسريح جزء من موظفيها في حال تواصل الركود في الاستهلاك والاستثمار لفترة طويلة.
3 عرض المعرض
الجيش الإسرائيلي في غزة
الجيش الإسرائيلي في غزة
الجيش الإسرائيلي في غزة
(الجيش الإسرائيلي)
إجراء انتخابات مبكرة خلال الحرب: مزيج من المخاطر والفرص
إذا تقرر الذهاب إلى انتخابات جديدة أثناء استمرار المعارك، سيخلق هذا السيناريو حالة من التوازن الحذر لدى الأسواق. من جهة، سيبقى العبء الأمني والمالي قائماً طالما استمرت العمليات العسكرية، ومن جهة أخرى، قد تراهن الأسواق على أن الانتخابات قد تفضي إلى حكومة أكثر قبولاً لدى المجتمع الدولي وصناديق الاستثمار الأجنبية.
رغم أن نتائج الانتخابات لا يمكن التنبؤ بها مسبقاً، إلا أن مجرد فتح الباب أمام عملية ديمقراطية جديدة يعزز آمال المستثمرين بإمكانية إصلاح السياسات الاقتصادية وتقليص حالة التوتر السياسي الداخلي التي ساهمت سابقاً في خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل وتراجع قيمة الشيكل مقابل العملات الأجنبية
وقف الحرب مع بقاء الحكومة الحالية: مكاسب اقتصادية مشروطة باستمرار المخاوف السياسية
أما السيناريو الرابع فيتعلق بإنهاء العمليات العسكرية دون الذهاب إلى انتخابات مبكرة، أي استمرار الحكومة الحالية بعد الحرب. من الناحية الاقتصادية البحتة، يمثل وقف الحرب بحد ذاته خبراً إيجابياً سيعزز مناخ الثقة في الأسواق المالية ويعيد النشاط الاستثماري والإنفاق الاستهلاكي تدريجياً. إلا أن بقاء التوتر السياسي الداخلي وعدم معالجة ملفات الإصلاح القضائي المعلق قد يظل يشكل عامل قلق للمستثمرين الأجانب والمؤسسات المالية الدولية، ويحد من سرعة تدفق الاستثمارات الخارجية على المدى المتوسط.
في هذا الإطار، يرى المحللون أن بورصة تل أبيب ستستقبل إنهاء القتال بموجة صعود قوية، حتى في حال عدم الذهاب فوراً إلى انتخابات جديدة، لكن استمرار الحكومة الحالية سيبقي نوعاً من الحذر في الأسواق تجاه الإصلاحات الهيكلية الأعمق المطلوبة لتحفيز النمو المستدام مستقبلاً.
هذه المادة مقدّمة بالتعاون مع موقع "وصلة" للاقتصاد والأعمال