تشهد المنطقة موجة حر غير اعتيادية خلال شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، وُصفت بأنها الأشد منذ أكثر من 75 عاماً، ما أثار تساؤلات حول أسبابها العلمية وتداعياتها المستقبلية على المناخ والزراعة في البلاد.
وقال الدكتور يوسف حسن، المختص في شؤون المناخ والفلك والجغرافيا، في حديث لراديو الناس صباح اليوم الثلاثاء، إن ما يجري هو نتيجة مباشرة للاحتباس الحراري العالمي الذي “أدى إلى تطرف كبير في درجات الحرارة من جهة، وفي توزيع كميات الأمطار من جهة أخرى”. وأضاف: “شهدنا في الصيف الماضي ارتفاعاً غير مسبوق في درجات الحرارة، والآن يتكرر الأمر في الخريف، بل حتى في الشتاء باتت التغيرات المناخية واضحة، وكلها تعود لتأثيرات الاحتباس الحراري”.
المختص في المناخ د. يوسف حسن: موجة الحر في تشرين الثاني دليل على تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري واختلاط الفصول
غرفة الأخبار مع عفاف شيني
04:21
وحول التوقعات لموسم الشتاء المقبل، أوضح حسن أن البيانات الحالية تشير إلى شتاء قريب من المعدلات العامة، لكنه شدد على أن الصورة “ما زالت غير واضحة تماماً”. وقال: “شهدنا في بداية الشهر الماضي تساقط كميات كبيرة من الأمطار، خاصة في الشمال والساحل، وصلت إلى نحو ربع المعدل السنوي، وهذا لا يعني أن الشتاء سيكون جافاً كما حدث العام الماضي، فالتوقعات تتغير، ولا يمكن الجزم بكميات الأمطار أو فترات هطولها بدقة”.
التوقعات أصبحت أقل دقة بفعل التغيّر المناخي
وبيّن الخبير أن التغيرات المناخية جعلت التنبؤات الجوية أكثر صعوبة، قائلاً: “بسبب شدة تأثير الاحتباس الحراري، أصبحت التوقعات أقل دقة مما كانت عليه، وقد نشهد في الشتاء درجات حرارة أعلى من المعدلات المعهودة كما يحدث الآن في الخريف”.
وحول الانعكاسات المحتملة لهذه الظواهر على البلاد، حذّر د. حسن من تداعيات بيئية واقتصادية واسعة، خصوصاً على القطاع الزراعي. وقال: “هناك تأثير مباشر على الزراعة في مختلف المناطق، وعلى مستوى المياه الجوفية. فالأمطار التي تهطل بكميات كبيرة في فترات قصيرة تؤدي إلى جريان سطحي سريع نحو البحر، بدلاً من تغذية الخزانات الجوفية”.
وأشار إلى أن بحيرة طبريا انخفض منسوبها إلى ما دون الحد الأدنى المسموح به، ما اضطر الجهات المختصة إلى ضخ مياه محلاة إليها لتعويض النقص، في سابقة تُعد الأولى من نوعها.
وفي ختام حديثه، أكد د. يوسف حسن أن ما نعيشه اليوم هو بالفعل “اختلاط في الفصول” نتيجة تسارع التغيرات المناخية، موضحاً: “نلاحظ هذا الاضطراب في كل الفصول دون استثناء؛ في الشتاء، الربيع، الصيف، وحتى الخريف. إنها ظاهرة عالمية لا تقتصر على منطقتنا فقط، بل تمتد إلى معظم دول العالم.”
وأكد أن مواجهة هذه الظواهر تتطلب سياسات بيئية أكثر صرامة ووعياً مجتمعياً بخطورة استمرار ظاهرة الاحتباس الحراري.


