د. عبد إغبارية: "أطباء يعانون حالات ترهيب كي لا يقولوا الحقيقة عن غزة"

تصاعد الجدل في الأوساط الطبية الإسرائيلية بعد رسالة في مجلة علمية عالمية اتهم بها أطباء إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في غزة 

1 عرض المعرض
عبد السلام اغبارية
عبد السلام اغبارية
عبد السلام اغبارية
(وفق البند 27 أ من قانون الحقوق الأدبية (2007))
في مقابلة لراديو الناس مع الدكتور عبد إغبارية، مدير وحدة السرطان في مستشفى روتشيلد وعضو سكرتارية نقابة الأطباء، تناول الطبيب ما وصفه بـ"أزمة أخلاقية وإنسانية غير مسبوقة" داخل المنظومة الطبية الإسرائيلية، على خلفية رسالة نُشرت في مجلة New England Journal of Medicine — إحدى أهم المجلات العلمية في العالم — تحدثت بصراحة عن الانتهاكات الإنسانية والطبية في قطاع غزة خلال الحرب.

رسالة طبية هزّت الأوساط الأكاديمية

د. عبد إغبارية: "أطباء يعانون حالات ترهيب كي لا يقولوا الحقيقة عن غزة"
غرفة الأخبار مع عفاف شيني
08:13
وأوضح الدكتور إغبارية أنّ الرسالة التي وُجهت إلى محرري المجلة حملت توقيع أربعة أطباء، بينهم طبيبان إسرائيليان يهوديان يقيمان في الولايات المتحدة، إلى جانب طبيب أمريكي وطبيبة عربية من الداخل، مشيراً إلى أنّها كانت "خالية من الفلاتر، وصريحة إلى درجة غير مسبوقة".
وقال: "الرسالة وصفت ما يحدث في غزة بمصطلحات علمية دقيقة، بل استخدمت تعبير الإبادة الجماعية، وهو ما أثار عاصفة في الأوساط الأكاديمية والطبية حول العالم، لا سيّما وأنّها صدرت عن أطباء يهود وإسرائيليين."
وأضاف أن هذه الرسالة جاءت بعد عريضة سابقة وقّعها نحو ألف طبيب يهودي من مختلف دول العالم، لا سيما من الولايات المتحدة، تضمنت مواقف مشابهة بشأن الأوضاع الإنسانية في غزة.

حملة ترهيب وضغوط على الأطباء

وأكد الدكتور إغبارية أنّ نشر الرسالة تبعه "هجوم واسع ومحاولة ترهيب" ضد الكتّاب وكل من أبدى تضامناً معهم. وقال: "وصلت الأمور إلى حد تلقيهم مكالمات على هواتفهم الشخصية بكلمات نابية وتهديدات قاسية، بل وصل الأمر بالبعض إلى المطالبة بسحب هوياتهم أو مواطنتهم، فقط لأنهم عبّروا عن موقف مهني وإنساني."
وأوضح أن هذه الحملة لا تأتي بمعزل عن "الأجواء المتوترة والمتعصبة" التي تعيشها البلاد منذ الحرب، مشيراً إلى أن هناك محاولات حثيثة لإسكات الأصوات التي تدعو إلى التعاطف الإنساني أو تنتقد سلوك الجيش في القطاع.

الأطباء بين المهنة والسياسة

وحول أثر هذه الأجواء على الأطباء داخل إسرائيل، قال الدكتور إغبارية إنّ "الخوف أصبح سمة عامة في المؤسسات الطبية"، مضيفاً: "اليوم، كثير من الأطباء يخشون التعبير عن مواقفهم الإنسانية، لأنّ أي تعبير عن التعاطف قد يُفسَّر كموقف سياسي معادٍ، ويعرّض صاحبه لعقوبات مهنية أو اجتماعية."
وتابع: "نحن نعيش مخلفات سنتين مظلمتين أثّرتا في الشعبين معاً. وآمل فعلاً أن تنتهي الحرب وأن يعود المختطفون والأسرى، حتى نغلق هذه الدائرة المأساوية، ونعيد دفن موتانا بكرامة كما تليق بالبشر."

صمت نقابة الأطباء

وعن موقف نقابة الأطباء الإسرائيلية من هذه التطورات، أوضح الدكتور إغبارية أنّ النقابة "تحاول التمسك بخط وسطي حذر"، وقال: "بيانات النقابة الرسمية تتحدث فقط عن المساعدات الإنسانية، وغالباً ما تُنشر باللغة الإنجليزية. أما في موقعها العبري، فلا نجد أي ذكر للأوضاع في غزة أو لمعاناة الأطباء هناك، وكأنّ الأمر غير موجود." وأضاف أنّ هذا التناقض يعكس الانقسام العميق داخل المجتمع الطبي الإسرائيلي، قائلاً: "الأطباء جزء من المجتمع، ومواقفهم لا تختلف كثيراً عن التيار العام السائد اليوم في البلاد."

نهاية مفتوحة وأمل هشّ

وختم الدكتور إغبارية حديثه بالتعبير عن أمله بأن تكون هذه المرحلة "بداية لتراجع التوتر وعودة العقلانية"، مضيفاً: "نأمل أن نبدأ طيّ هذه الصفحة المؤلمة، وإن كنت أعتقد أنّ آثارها ستستمر لعشرات السنين على الشعبين معاً."