قبل عشرين عامًا، كانت أفلام الأطفال تُعدّ حدثًا ثقافيًا عالميًا، لا مجرّد وسيلة ترفيه. الأسد الملك، علاء الدين، البحث عن نيمو وفروزن، لم تكن مجرّد أسماء أفلام، بل قصصًا وشخصيّات شكّلت وجدان جيلٍ كامل، حتى باتت جزءًا من ذاكرة طفولة جماعية عبر الشاشات.
لكن ما الذي تغيّر؟
بحسب تقارير إعلامية، الأفلام الجديدة الموجّهة للأطفال، إذا لم تكن جزءًا من سلسلة معروفة أو مبنية على علامة تجارية مألوفة، غالبًا ما تمرّ دون أثرٍ يُذكر: لا يتذكّرها الأطفال، ولا تُتداول شخصياتها، ولا تُرافقهم في أحاديثهم أو ألعابهم كما في السابق. وبينما تحظى الأفلام التي تستند إلى محتوى معروف وتُعيد تقديم شخصيات أو قصص سابقة، بإقبال واسع، تواجه الأعمال التي تأتي بقصة أصليّة جديدة، صعوبة متزايدة في اختراق السوق وتحقيق النجاح التجاري.
هذه الظاهرة باتت تُشكّل تحديًا متكرّرًا في سوق أفلام الأطفال، حيث تُظهِر البيانات أن الجمهور، ولا سيّما العائلات، أصبح ميّالًا للمضامين المألوفة، ما يُضعف من فرص انتشار الأعمال الجديدة ويجعلها مخاطرة حقيقية في السوق. والنتيجة؟ مساحة ضيّقة للأعمال الأصلية، مقابل هيمنة شبه تامّة للمواد المكرّرة والمألوفة.
في هذا السياق، سجّل فيلم الرسوم المتحركة الجديد "Elio" من إنتاج شركة Pixar التابعة لديزني، والمعروفة عالميًا بأعمال ناجحة مثل Toy Story وFinding Nemo وInside Out، أدنى أداء من حيث الإيرادات في تاريخ الشركة.
الفيلم، الذي عُرض عالميًا في حزيران 2025، يروي قصّة صبي وحيد يجد نفسه فجأة في حضرة كائنات فضائية، في إطار مغامرة خيالية تجمع بين الطرافة والمشاعر. ورغم هذا الطابع العاطفي للحبكة، لم يُحقّق الفيلم أكثر من 21 مليون دولار في الولايات المتحدة و14 مليونًا في الأسواق العالمية، وهو الرقم الأدنى في تاريخ Pixar.
هذا التراجع، وفقًا لتقارير إعلامية، يتعدّى المحتوى نفسه، ويُعزى إلى عدّة عوامل تتعلّق بسلوك الجمهور واتّجاهات السوق. فـ "Elio" ليس جزءًا من سلسلة معروفة ولا يستند إلى علامة تجارية راسخة، على عكس أفلام مثل Moana 2، Frozen 3، وDespicable Me 4 التي لا تزال تحقّق أرباحًا ضخمة لمجرّد اعتمادها على شخصيات مألوفة.
وبينما تراهن ديزني على أن يحقق "Elio" نجاحًا تدريجيًا كما حدث مع أفلام أخرى مثل Elemental، يرى كثير من النقاد أن مستقبل أفلام الأطفال الأصلية في هوليوود أصبح أكثر غموضًا. في عالم يفيض بالمحتوى وسرعة الاستهلاك، لم تعد هناك مساحة للمفاجآت. الجمهور، وخصوصًا الأهل، بات يفضّل شراء تذاكر لفيلم يعرفه مسبقًا، لضمان ملاءمته وسلامته.
أما النتيجة الثقافية، فهي الأبعد أثرًا: جيلٌ من الأطفال ينشأ من دون قصص أصلية تُخاطبه مباشرة، ومن دون شخصيات جديدة ترافقه في نموّه. فهل يكفي ما يُعاد تدويره لصناعة ذاكرة جديدة؟