تستعد إسرائيل لاستئناف المفاوضات غير المباشرة مع حركة حماس، في أعقاب ردّ الحركة على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتأكيد الأخير على المضي في تنفيذها. ومن المتوقع أن تبدأ المفاوضات حول المرحلة الأولى من خطة ترامب الخاصة بالإفراج عن الرهائن وإنهاء الحرب في غزة غدًا (الأحد) في مصر.
وبحسب تقديرات إسرائيلية، يمارس البيت الأبيض ضغوطًا مكثفة على الطرفين لإنهاء المفاوضات في وقت قصير، رغم الفجوات الكبيرة في المواقف بين الجانبين.
خلفية الموقف والتطورات الأخيرة
أعلنت حركة حماس في بيانها الأخير أنها توافق على إطلاق سراح جميع الرهائن وفق آلية المبادلة الواردة في خطة ترامب، "مع ضمان الظروف الميدانية اللازمة لتنفيذ العملية"، ما دفع الرئيس ترامب إلى إصدار بيان ليلي دراماتيكي دعا فيه إسرائيل إلى وقف القصف على غزة فورًا، معتبرًا أن الحركة "باتت مستعدة للسلام".
ومع ذلك، أشار بيان حماس إلى استعدادها للدخول الفوري في مفاوضات حول تفاصيل الاتفاق، دون إعلان قبول نهائي بكل بنوده.
التحركات الإسرائيلية والمصرية
تستعد إسرائيل لإيفاد وفد تفاوضي رفيع المستوى إلى القاهرة – وليس إلى الدوحة – في الأيام المقبلة، على أن تبدأ جولة المحادثات الجديدة يوم الأحد، بمشاركة طاقم أكثر خبرة من الوفود السابقة. وتتولى مصر ترتيب التفاصيل اللوجستية، في حين يعمل الجانب الأميركي على وضع الإطار العام وضمان عدم تعقيد المفاوضات، عبر اتفاقات مسبقة حول النقاط الجوهرية.
وخلال الليل، عقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اجتماعًا طارئًا مع كبار قادة الأمن، ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، والوزير رون ديرمر – من دون مشاركة بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير – وجرى بحث إمكانية تعيين ديرمر رئيسًا للوفد الإسرائيلي المفاوض.
ملفات التفاوض: الأسرى والانسحاب
أعدّ فريق التفاوض الإسرائيلي قوائم الأسرى الفلسطينيين الذين قد يُفرج عنهم، إلى جانب خرائط الانسحاب الجزئي للقوات من غزة، استنادًا إلى ما ورد في خطة ترامب.
مصدر مطّلع أوضح أن حماس وافقت على التفاوض حول إعلان ترامب، لكنها ترفض حصر النقاش بالمرحلة الأولى الخاصة بالإفراج عن جميع الرهائن خلال 72 ساعة، ما يُنذر بـ"مفاوضات صعبة ومعقّدة وطويلة"، على حدّ تعبيره.
ووفق التقديرات الإسرائيلية، سيتم اختبار جدّية حماس من خلال مفاوضات سريعة تهدف لتطبيق المرحلة الأولى من الخطة: تبادل متزامن وإعادة انتشار جزئي خلال 72 ساعة من التوصل إلى اتفاق على التفاصيل، وسط تنسيق كامل مع واشنطن.
خطة أميركية لإدارة التنفيذ الميداني
وفي ضوء التطورات، من المقرر أن يصل إلى المنطقة المبعوث الأميركي ستيف وويتكوف، الذي أبلغ أطرافًا محلية بأن لدى الولايات المتحدة خطة لنشر القوات الإسرائيلية بما يتيح لحماس تحديد مواقع الرهائن وجمعهم تمهيدًا لإطلاق سراحهم.
مطالب وشروط حماس – وخلافات أساسية
مصدر قريب من قيادة حماس أوضح أن الحركة تواجه صعوبات ميدانية وتعمل ضمن خيارات محدودة، لكنها تصرّ على أن عملية إطلاق سراح الرهائن لن تتم خلال 72 ساعة بل قد تستغرق أسبوعًا، مع بحث محتمل لتفاهمات مع حركات فلسطينية أخرى مثل الجهاد الإسلامي.
وأضاف أن الحركة تطالب بـانسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية من المناطق التي يُعتقد بوجود بعض الرهائن فيها، مثل مدينة غزة، لتأمين الظروف الميدانية اللازمة للتنفيذ.
كما كشفت تقارير أميركية أن حماس ترفض نزع سلاحها بالكامل، وتوافق فقط على تسليم “الأسلحة الهجومية” لتخزينها لدى الأمم المتحدة أو مصر، مع الاحتفاظ بما تعتبره “أسلحة دفاعية”.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن وسطاء عرب قولهم إن عزّ الدين حداد، الذي يُعتقد أنه يقود الجناح العسكري للحركة بعد مقتل يحيى ومحمد السنوار، منفتح على تسوية جزئية لكنه يرفض تسليم الأسلحة الخفيفة، خشية أن يُنظر إلى الصفقة على أنها “استسلام”.
رفض إدارة دولية – وتمسك بالوجود في غزة
تصرّ حماس على رفض أي آلية إدارة عربية – دولية لقطاع غزة، وتوافق فقط على نقل الإدارة المدنية إلى حكومة فلسطينية تكنوقراطية مدعومة عربيًا، دون أن تتخلى عن دورها السياسي في المرحلة المقبلة.
وتُعدّ هذه النقطة من أبرز الخلافات مع خطة ترامب التي تنص على استبعاد حماس من أي دور إداري أو سياسي في القطاع.
رؤية فلسطينية أوسع
من جهته، قال الكاتب والمحلل الفلسطيني د. ناصر اللحام، المقرب من الرئيس محمود عباس، إن خطة ترامب لا تهدف فقط إلى إنهاء الحرب في غزة، بل إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط سياسيًا، مضيفًا أن المرحلة المقبلة “ستشهد بروز شخصيات جديدة ومشاريع سياسية مغايرة، بعد أن استُهلكت المبادرات القديمة وفقدت شعبيتها”.
وبينما يبدي الجانبان استعدادًا أوليًا للحوار، تبقى الفجوات عميقة حول قضايا جوهرية، أبرزها توقيت الإفراج عن الرهائن، نزع السلاح، مستقبل الإدارة في غزة، والضمانات الدولية – ما يجعل الجولة المرتقبة في القاهرة حاسمة في تحديد مصير خطة ترامب بين الانفراج أو الانهيار.






