النفايات الرقمية: تهديد بيئي خطير وفرصة اقتصادية والسعودية تقود التحول

تقرير منظمة التعاون الرقمي: تحويل الأجهزة المهملة إلى موارد قيّمة قد يدرّ مليارات الدولارات ويعزز الاقتصاد الدائري في الخليج 

1 عرض المعرض
نفايات إلكترونية
نفايات إلكترونية
نفايات إلكترونية
(ويكيبيديا)
أظهرت بيانات حديثة أن العالم أنتج نحو 62 مليار كيلوغرام من النفايات الإلكترونية في عام 2022 وحده، بينما لم يُعاد تدوير سوى أقل من ربع هذه الكمية بشكل رسمي. أما الباقي فتم التخلص منه في مكبات النفايات أو بيعه في الأسواق غير النظامية، ما تسبب في تسرب مواد سامة وضياع موارد تقدَّر بنحو 78 مليار دولار أميركي.
ووفقاً لتقرير منظمة التعاون الرقمي (DCO)، فإن كل جهاز إلكتروني مهمل، من هاتف أو كمبيوتر محمول، يمثل تهديداً بيئياً وفرصة اقتصادية مهدورة في الوقت نفسه. وفي ظل سعي دول الخليج لبناء اقتصاد رقمي مستدام، تبرز المملكة العربية السعودية في طليعة الجهود الرامية لتحويل هذا التحدي إلى نموذج عالمي للنجاح في إدارة النفايات الإلكترونية.
تشير المنظمة إلى أن النفايات الإلكترونية تحتوي على 31 مليار كيلوغرام من المعادن الثمينة، بينما لا يُسترد منها حالياً سوى 22 في المائة. وإذا تمكن العالم من رفع نسبة التدوير إلى 60 في المائة بحلول عام 2040، فإن القيمة السنوية للمواد المستعادة قد تتجاوز 57 مليار دولار. بالنسبة لدول الخليج، تمثل هذه الأرقام فرصاً استثمارية واعدة لخلق وظائف خضراء وبناء سلاسل توريد دائرية جديدة.
وفي هذا الإطار، تقود السعودية تحولاً استراتيجياً من خلال رؤية 2030، إذ أسست عام 2017 الشركة السعودية للاستثمار في التدوير (SIRC)، وهي الأكبر في إدارة النفايات الصناعية بالمنطقة. كما أطلقت هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية (CST) مبادرة «أعد تدوير جهازك» لتشجيع المواطنين على تسليم أجهزتهم القديمة لإعادة الاستخدام أو التدوير الآمن. وتخطط المملكة لإنشاء أكثر من 840 منشأة تدوير ومعالجة بحلول عام 2040، مع تخصيص 100 مليار ريال سعودي للاستثمار في هذا القطاع حتى عام 2035.
وتؤكد منظمة التعاون الرقمي أن النجاح في هذا المجال لا يتحقق بالشعارات، بل من خلال أنظمة وتشريعات متكاملة، مشيرة إلى إطلاق إطار عمل «إعادة التدوير الإلكتروني الحكومي – E-Cycle»، الذي يهدف إلى توحيد القوانين، وتقديم حوافز اقتصادية، والاستثمار في البنية التحتية المتقدمة.
وفي تصريح بمناسبة اليوم العالمي للنفايات الإلكترونية، قالت آلاء عبد العال، رئيسة استشراف الاقتصاد الرقمي في المنظمة، إن «النفايات الإلكترونية ليست قضية بيئية فحسب، بل مسألة عدالة اجتماعية أيضاً». وأضافت أن تجديد 1 في المائة فقط من أصل 5 مليارات هاتف جرى التخلص منها عام 2022 يمكن أن يمنح 50 مليون شخص في الدول الأعضاء إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا بأسعار معقولة.
وختمت عبد العال بالتأكيد على أن «كل جهاز يُحال إلى التقاعد اليوم يمكن أن يصبح مصدراً لمورد الغد»، معتبرة أن مستقبل الاقتصاد الرقمي في الخليج يجب أن يكون دائرياً ومستداماً لضمان استمراريته وازدهاره.