كشف تقريرٌ حديث صادر عن مؤسسة جبعات حبيبة عن ارتفاعٍ حاد ومتواصل في مظاهر العنصرية والعنف داخل ملاعب كرة القدم خلال السنوات الأربع الأخيرة، رغم تشديد العقوبات محليًا ودوليًا، ولا سيّما من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا). وجاء التقرير تحت عنوان: «نركل العنف والعنصرية من الملاعب».
علا نجمي يوسف لراديو الناس: الخطاب السياسي والحروب ينعكسان هتافاتٍ عنصرية وعنفًا داخل الملاعب
المنتصف مع أمير الخطيب
06:54
وفي حديث لراديو الناس، قالت علا نجمي يوسف، مديرة المركز اليهودي العربي للسلام في جفعات حبيبة، إن التقرير يُعدّ من التقارير المركزية التي يتابعها المركز، مؤكدة أن “ما يجري في أروقة الملاعب يعكس واقعًا مقلقًا من تصاعد العنف والعنصرية، خصوصًا عبر الهتافات العنصرية داخل أرض الملعب”. وأضافت: “رصدنا في السنوات الأربع الأخيرة ارتفاعًا كبيرًا ومتزايدًا في مظاهر العنصرية، وتحديدًا في الهتافات التي تستهدف الأقليات، وفي مقدمتها الأقلية العربية، إضافة إلى لاعبين من أقليات أخرى، مثل المجتمعين الإثيوبي واليمني، فكل فئة مستضعفة تصبح هدفًا مباشرًا لهذه الهتافات”.
فرق تتصدّر المشهد العنصري
وأشارت نجمي يوسف إلى أن التقرير رصد فرقًا باتت تتصدر مظاهر العنصرية في الملاعب، قائلة: “للأسف، هناك فرق معروفة بتكرار هذه الظواهر، مثل بيتار القدس، ومكابي بيتح تكفا، كما دخل مكابي نتانيا مؤخرًا إلى هذه الصورة”. ولفتت إلى أن كرة القدم، شأنها شأن مجالات رياضية أخرى، “تتأثر بشكل مباشر بالوضعين السياسي والأمني”، موضحة أن “كل تصعيد أمني أو سياسي، وكل زيادة في الخطاب العنصري في الفضاء العام، تنعكس سريعًا داخل الملاعب”.
من الهتافات إلى العنف الجسدي
وبيّنت نجمي يوسف أن العنصرية لا تقتصر على الهتافات فقط، بل تمتد إلى مظاهر عنف ملموسة، مثل “رشق الأغراض، اقتحام الملاعب، والاشتباكات”، مستشهدة بما جرى في مدينة سخنين قبل أسابيع، حيث “وقع اعتداء على أحد المحال التجارية، في سياق توتّر مرتبط بأحداث رياضية”.
كما أشار التقرير، بحسب نجمي يوسف، إلى “ارتفاع واضح في العنصرية تجاه الفرق التي تضم لاعبين عرب، بل وحتى تجاه حكّام عرب، وهو ما يعكس عمق المشكلة واتساعها”.
الخطاب السياسي محرّك أساسي
وحول أسباب هذا التصاعد، أكدت نجمي يوسف أن الأحداث الأمنية والحروب تلعب دورًا مركزيًا، لكنها شددت على أن “الخطاب السياسي هو العامل الأخطر”. وقالت: “التصريحات والتفوهات العنصرية الصادرة عن مستويات سياسية رسمية تنعكس مباشرة على الجمهور، الذي يأتي إلى الملاعب وهو مشحون، فيردد هذه الهتافات”. وأضافت: “حين نرى رفع علم منظمة مصنّفة إرهابية داخل مدرجات الملاعب، فهذا ليس حدثًا معزولًا، بل نتيجة مباشرة للجو السياسي العام المشحون بالعنصرية تجاه العرب”.
عقوبات رادعة، ولكن جزئيًا
وعن الإجراءات المتخذة لمواجهة هذه الظاهرة، أوضحت نجمي يوسف أن التقرير رصد أيضًا تطورات إيجابية، مشيرة إلى أن “بعض الفرق التي كانت تتصدر العنصرية في سنوات سابقة شهدت تراجعًا ملحوظًا، نتيجة فرض عقوبات صارمة عليها”.
وقالت: “فرق مثل هبوعيل بئر السبع، هبوعيل حيفا، وكريات شمونة، تعاملت بجدية مع الهتافات العنصرية، سواء عبر معاقبة المتورطين أو اتخاذ إجراءات تنظيمية، وهو ما أدى إلى انخفاض حدة العنصرية داخل جماهيرها”. ورأت أن هذه العقوبات “رادعة إلى حدّ ما”، لكنها شددت على أن الردع الكامل يتطلب استمرارية وحزمًا أكبر.
دور فيفا والضغط الدولي
وأكدت نجمي يوسف أن للاتحاد الدولي لكرة القدم دورًا محوريًا في هذا السياق، موضحة أن “فيفا قد يتخذ إجراءات مباشرة ضد اتحاد كرة القدم في إسرائيل، أو يمسّ بمكانته داخل فيفا ويويفا، إذا لم تُعالج الهتافات العنصرية بشكل جدي”.
وأضافت: “التقارير التي نصدرها تُستخدم أيضًا على المستوى الدولي، سواء لتوجيه تحذيرات أو لفرض عقوبات، في ظل الصورة السلبية التي تتكوّن عن الدولة عالميًا بسبب هذه الظواهر”.
جانب إيجابي وحلول مقترحة
ورغم الصورة القاتمة، أشارت نجمي يوسف إلى جانب إيجابي لا بد من تسليط الضوء عليه، قائلة: “نرى اليوم لاعبين عربًا يتصدرون فرقًا رياضية كبرى، وهذا تطور مهم يجب دعمه وإبرازه، رغم كل مظاهر العنصرية”.
وختمت بالدعوة إلى حزمة حلول، تشمل “تغيير السياسات على المستويين المحلي والدولي، وتعزيز دور الأندية، وحتى إعادة النظر في مواعيد المباريات”، موضحة أن “تغيير ساعات اللعب بما يسمح بحضور العائلات والأطفال قد يساهم في خفض منسوب العنف، وخلق أجواء رياضية أكثر إيجابية داخل الملاعب”.


