توفي في الولايات المتحدة، عن عمر ناهز 81 عامًا، البروفيسور ستانلي فيشر، أحد أعلام الاقتصاد العالمي ومحافظ بنك إسرائيل الأسبق (2005–2013)، وذلك بعد صراع مع مرض عضال. فيشر، الذي اشتهر بمساهماته النظرية والعملية في مجالات الاقتصاد الكلي والسياسة النقدية، يُعد من أبرز من شغلوا منصب محافظ البنك المركزي الإسرائيلي، وكان له دور محوري في تعزيز استقرار الاقتصاد الإسرائيلي خلال الأزمة المالية العالمية 2008–2009.
من زامبيا إلى قلب الاقتصاد العالمي
وُلد فيشر عام 1943 في روديسيا الشمالية (زامبيا حاليًا) لأسرة يهودية، وتلقى تعليمه الثانوي في زيمبابوي. بدأ دراسته في مجالات الفيزياء والكيمياء والرياضيات، إلا أن قراءته لكتاب "النظرية العامة" لجون مينارد كينز شكلت نقطة تحول في مساره، فانتقل لدراسة الاقتصاد في كلية لندن للاقتصاد، ثم أكمل دراسته العليا وحصل على الدكتوراه من معهد MIT المرموق عام 1969.
عمل فيشر في مناصب أكاديمية رفيعة، منها أستاذ في MIT وأستاذ زائر في الجامعة العبرية في القدس، وأشرف على طلاب مرموقين من أبرزهم بن برنانكي، الرئيس السابق للاحتياطي الفيدرالي الأميركي.
مسيرة دولية وعطاء في إسرائيل
قبل توليه منصب محافظ بنك إسرائيل، شغل فيشر مناصب قيادية رفيعة منها نائب رئيس البنك الدولي، ونائب مدير صندوق النقد الدولي، ونائب رئيس مصرف Citigroup العملاق. في عام 2005، قرر الهجرة إلى إسرائيل بموجب قانون العودة وتولى منصب المحافظ، حيث أعيد انتخابه في 2010 لولاية ثانية.
تميّز نهجه الاقتصادي بالتوفيق بين دعم الأسواق الحرة والتجارة المفتوحة وبين الرقابة الصارمة على النظام المصرفي، كما عُرف بموقفه الصارم ضد الاحتكارات والبيروقراطية المفرطة.
في عام 2010، نال ثلاث جوائز مرموقة من بينها لقب "أفضل محافظ بنك مركزي في العالم" من مجلة يوروماني، وتقديرًا خاصًا من فاينانشال تايمز. كما ترشح في 2011 لرئاسة صندوق النقد الدولي، لكن لم يُنتخب بسبب عامل السن.
من 2014 إلى 2017، شغل منصب نائب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (الفيدرال ريزرف)، وكان يُنظر إليه كخليفة محتمل لرئاسته لولا تقدمه في السن.
إشادة من القادة والمؤسسات
نعى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ الراحل عبر منصة X، وكتب:"كان ستانلي فيشر محافظًا عظيمًا لبنك إسرائيل، قدم مساهمة كبيرة لاقتصاد البلاد ومكانتها الدولية. كان محترفًا نزيهًا وإنسانًا محبًا للسلام. سنفتقده كثيرًا."
كما قال محافظ بنك إسرائيل الحالي، البروفيسور أمير يرون:
"نُعرب عن حزننا العميق لوفاة بروفيسور فيشر. مساهمته في تقدم اقتصاد إسرائيل كانت حاسمة، ونُعزي عائلته بهذا المصاب الأليم."
ترك فيشر إرثًا غنيًا يشمل أكثر من عشرة كتب أكاديمية في الاقتصاد، وعشرات المقالات العلمية التي تُدرّس في كبرى جامعات العالم. وكان متزوجًا من الراحلة رودا فيشر، وله ثلاثة أبناء.
بوفاته، فقد العالم الاقتصادي أحد أبرز العقول في القرن الحادي والعشرين، وخسرت إسرائيل شخصية تركت بصمة عميقة في سياستها النقدية واستقرارها المالي.