في أعقاب جرائم العنف المتصاعدة في المجتمع العربي وبلوغ عدد القتلى في المجتمع العربي منذ بداية العام 212 قتيلا، قال رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، محمد بركة، إن المجتمع العربي في الداخل يعيش مرحلة هي “الأسوأ في تاريخه الحديث”، في ظل تصاعد غير مسبوق لأعمال العنف والجريمة، مؤكدًا أن ما يحدث “ليس ظاهرة اجتماعية طبيعية، بل نتيجة مباشرة لسياسات دولة تتقاعس عن حماية مواطنيها العرب”.
وفي حديثه لراديو الناس، أوضح بركة: “الأمر لا يتعلق بذاكرتي الشخصية، بل بالذاكرة الجمعية لمجتمعنا. قلّما نجد في أي مكان في العالم ما يحدث عندنا، من عصابات إجرام تعمل بلا حسيب ولا رقيب، وكأن الدولة غير موجودة. هذه الدولة تعرف كيف تحبس شبابًا عشر سنوات على مظاهرة، لكنها لا تحاسب قتلة يزهقون الأرواح كل يوم.”
محمد بركة: صوت الناس لا يسقط بالتقادم والمظاهرات تعبير عن الحياة لا عن اليأس
استديو الخميس مع محمد مجادلة
10:08
وأشار إلى أن نسبة ضحايا الجريمة في المجتمع العربي الفلسطيني داخل إسرائيل تعد من الأعلى عالميًا: “نحن نتبوأ أحد المراتب الأولى في العالم في نسبة ضحايا الجريمة لكل مئة ألف نسمة. لا يفوقنا إلا بلد أو بلدان في أمريكا اللاتينية، وهذه ليست مبالغة.”
مجتمعنا ليس فاسدا، وهناك من يوهمنا بذلك
ورفض بركة ما يُروَّج عن أن المجتمع العربي “فاسد بطبيعته”، قائلاً: “هذا المجتمع ليس فاسدًا ولا فاشلاً. قبل يومين فقط نُشرت نتائج امتحانات البجروت، وتبيّن أن المدارس العربية تفوقت على اليهودية. نحن شعب يضم أعلى نسبة أطباء في العالم قياسًا بعدد السكان. فمن الذي يريد أن يوهمنا بأننا مجتمع غير صالح؟”
وفي المقابل، أكد أن منفذي الجرائم فئة ضئيلة جدًا لا تمثل المجتمع العربي: “في شفاعمرو مثلًا، من أصل خمسين ألف إنسان لا يوجد أكثر من خمسمئة متورطين في الجريمة. وفي باقة الغربية ثلاثمئة من ثلاثين ألفًا. وفي الناصرة أقل من ألف من بين مئة ألف. نحن نتحدث عن أقل من واحد بالمئة من الناس، لكنهم يعبثون بمصيرنا لأنهم يعملون بحصانة مطلقة.”
وأضاف بركة أن الشرطة الإسرائيلية تتحمل المسؤولية الأساسية، متسائلًا: “لماذا نسبة الجريمة عندنا أعلى بثماني أو تسع مرات من الضفة أو غزة أو الأردن؟ هل لأن الشرطة الفلسطينية أو الأردنية أكثر تطورًا من الشرطة الإسرائيلية؟ بالطبع لا، بل لأن الشرطة الإسرائيلية تتساهل عمدًا مع عصابات الإجرام في مجتمعنا.”
وفي حديثه عن الدور الداخلي، دعا بركة إلى تحمل المسؤولية المجتمعية والتربوية داخل البيوت: “عندما يخرج الابن أو الحفيد في منتصف الليل، من واجبنا أن نسأل مع من، وأين، ولماذا. هذا ليس تدخّلًا، بل حرص عليه. التغيير يبدأ من البيت. إذا نظّف كل بيت نفسه من العنف، فسيكون المجتمع كله نظيفًا.”
صوت الناس لا يسقط والمظاهرات ضرورة
وردًّا على الانتقادات التي تعتبر أن المظاهرات أصبحت “أداة بالية”، شدّد بركة على أن “صوت الناس لا يسقط بالتقادم”. وقال: “من يقول إن التظاهر لم يعد يجدي، إنما يخدم من يريد لنا الصمت. المظاهرات ضرورة، وهي تعبير عن الحياة لا عن اليأس. لا يجوز أن نصمت.”
وكشف رئيس لجنة المتابعة عن سلسلة خطوات احتجاجية مرتقبة: “يوم الجمعة ستُنظم مظاهرة في الطيبة، كانت مقررة سابقًا لقضايا الحرب، لكنها ستركز أيضًا على ملف الجريمة. ويوم السبت ستقام مظاهرة قطرية في عرّابة، بالتنسيق مع البلدية واللجنة الشعبية. كما سننظم في التاسع من الشهر المقبل مظاهرة مركزية أمام مكتب رئيس الحكومة في القدس، أثناء انعقاد جلسة الحكومة، لإطلاق صرخة الحياة أمام من لا يريد لنا الحياة.”
واختتم بركة بالقول: “نريد أن نحشد الآلاف في التاسع من الشهر. هذه الصرخة ليست فقط ضد الجريمة، بل من أجل الحياة. أمام حكومةٍ تغضّ الطرف، علينا أن نقف ونقول: لن نصمت بعد اليوم.”


