بعد اختطاف وسرقة فتى متسوّل: محامٍ يحذر من "عبودية معاصرة" وسط تقاعس الجهات الرسمية

"الشرطة ترى الأطفال يومياً ولا تحرّك ساكناً" | المحامي عمر خمايسي: طفلة عمرها أشهر على مفترق الطرق ليست صدفة بل دليل منظومة الاستغلال

1 عرض المعرض
ظاهرة التسول في الشوارع
ظاهرة التسول في الشوارع
ظاهرة التسول في الشوارع
(فلاش 90)
قدّمت النيابة العامة لائحةَ اتهامٍ ضدّ شابٍّ وقاصرٍ من سكّان مدينة نوف هجليل، بتهمة السطو في ظروف مشدّدة، والخطف، والتهديد، بعد أن أقدما على اختطاف فتى يبلغ من العمر ثلاثة عشر عاماً كان يتسوّل في أحد الشوارع، وسلبا منه أموالاً تحت التهديد والعنف.
وتسلّط هذه الحادثة الضوء من جديد على ظاهرة التسوّل في البلدات العربية، التي عادت لتطفو على السطح وسط تجاهلٍ رسميٍّ لمخاطرها وتداعياتها الإنسانية والاجتماعية.

“تسول الأطفال عبودية معاصرة”

وفي حديث لراديو الناس، قال المحامي عمر خمايسي، مدير مركز ميزان لحقوق الإنسان، إن الظاهرة “لم تعد مجرد مشهد إنساني مؤلم، بل تحوّلت إلى تجارة من نوع آخر”. وقال: “ما نراه اليوم في مفترقات الطرق داخل بلداتنا هو مأساة حقيقية. معظم المتسوّلين هم أطفال دون سن الثامنة عشرة، يعيشون في ظروفٍ قاسية، ويتعرضون لأخطار متعدّدة كحوادث السير والاعتداءات الجسدية والجنسية”.
لمحامي عمر خمايسي: طفلة عمرها أشهر على مفترق الطرق ليست صدفة بل دليل منظومة الاستغلال
غرفة الأخبار مع عفاف شيني
07:14
وأضاف: “لدينا شهادات تؤكّد أن كثيراً من هؤلاء الأطفال يُجمعون ويُسكنون في شقق مستأجرة داخل المناطق العربية، حيث يتعرضون للاستغلال، بل وأحياناً للاتجار. بعض النساء اللواتي نراهنّ يومياً مع الأطفال في الشوارع لا تربطهنّ بهم أي صلة قرابة، بل يتم استئجار الأطفال واستخدامهم في التسوّل، وهذا نوع من العبودية الحديثة”.

غياب تام للرقابة والمسؤولية

وانتقد خمايسي تقاعس السلطات قائلاً: “الشرطة تمرّ يومياً من المفترقات نفسها وتعلم تماماً أن هؤلاء الأشخاص يدخلون إلى المناطق الخاضعة للخط الأخضر بطريقة غير قانونية، لكنها لا تحرّك ساكناً. من واجبها تحويلهم إلى مراكز حماية وتأهيل، لكنها تتغاضى عن ذلك”.
وأشار إلى أن أقسام الرفاه الاجتماعي في البلدات العربية تتحمل أيضاً مسؤولية مباشرة، قائلاً: “من حق هذه الأقسام أن تأخذ أي طفل قاصر من الشارع وتضعه في مركز تأهيل، لكن ذلك لا يحدث. لا يُعقل أن نرى طفلاً عمره أشهر يقف على مفترق طرق في الناصرة أو كفر كنا ولا يتحرك أحد”.

أرباح مالية واستغلال إنساني

وأوضح خمايسي أن بعض الجهات تستغلّ التعاطف الإنساني للمواطنين، الأمر الذي يحوّل التسوّل إلى “مهنة مربحة”: “بحسب دراسات ميدانية أجريناها، هؤلاء الأطفال يجمعون ما بين ألف إلى ألفٍ وخمسمئة شيكل يومياً، لكن الأموال لا تصل إليهم، بل تذهب إلى من يشغّلهم. لذلك نرى أن المتسوّلين أنفسهم يعودون إلى المفترقات نفسها عاماً بعد عام، ما يعني أن التسوّل أصبح تجارة منظمة وليست حاجة يومية للغذاء”.

“المجتمع والسلطات مطالبون بالتحرك”

وفي ختام حديثه، شدّد المحامي خمايسي على ضرورة تحمّل جميع الأطراف مسؤولياتها: “المشكلة لا تُحلّ بالشفقة أو بإعطاء النقود في الشارع. على السلطة الفلسطينية والشرطة الإسرائيلية والمجالس المحلية العمل المشترك لمراقبة هذه المفترقات ومحاسبة من يقف وراء استغلال الأطفال والنساء”.
وأضاف: “هذه ليست قضية هامشية، بل قضية إنسانية من الدرجة الأولى، وعلينا كأفراد ومؤسسات أن نتحرك فوراً لإنقاذ هؤلاء القاصرين من براثن الاستغلال”.