شرطي يُقدم على إحراق نفسه احتجاجًا على إهمال علاجه النفسي – حالته خطيرة

يأتي هذا الحادث في وقت تتزايد فيه التحذيرات من أزمة نفسية متفاقمة في صفوف الجنود والمحاربين القدامى في إسرائيل، خصوصًا منذ اندلاع الحرب الأخيرة

شهدت بلدة نافي إيلان قرب القدس صباح اليوم حادثًا غريبًا، إذ أقدم شرطي سابق في الأربعين من عمره، يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، على إضرام النار في نفسه أمام منزل مسؤول رفيع في دائرة إعادة التأهيل التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية. ووفقًا للمصادر الطبية، فإن الرجل كان في خضم إجراءات رسمية للاعتراف به كمصاب نتيجة خدمته الأمنية، قبل أن يُقدم على الفعل المأساوي الذي هزّ الرأي العام الإسرائيلي.
تفاصيل الحادث بحسب بيان فرق الإسعاف والإطفاء، فقد تلقّت الطواقم بلاغًا عن اندلاع حريق في ساحة أحد المنازل في نافي إيلان. وعند وصولها إلى المكان، عُثر على رجل مصاب بحروق شديدة في مختلف أنحاء جسده، حيث تمّ تقديم الإسعافات الأولية له ميدانيًا قبل نقله بحالة حرجة إلى مستشفى هداسا عين كارم في القدس. وأفاد المستشفى في بيان رسمي بأن المصاب "يخضع للتنفس الاصطناعي والتخدير الكامل في وحدة العناية المركزة"، فيما أكدت سلطات الإطفاء أنها فتحت تحقيقًا في ملابسات الحريق.
وجاء في البيان:"تلقى رجال الإطفاء بلاغًا عن حريق في ساحة منزل ببلدة نافي إيلان. عند وصولهم، لاحظوا وجود شخص مصاب بجروح خطيرة نتيجة النيران. تمت السيطرة على الحريق بالكامل، وتقوم وحدة التحقيق بفحص ملابسات الحادث".
تعقيب وزارة الأمن من جانبها، أكدت وزارة االأمن الإسرائيلية في بيان رسمي أن الرجل "شرطي سابق في الأربعين من عمره، كان قد أُعترف به كمصاب في عام 2013 في إطار برنامج إعادة التأهيل التابع للوزارة"، وأضافت أن "الوزارة تتابع الحادث ببالغ الأسف". ولم تقدّم الوزارة مزيدًا من التفاصيل حول وضعه الحالي أو خلفية العلاقة بينه وبين المسؤول الذي وقع الحادث أمام منزله.
أزمة تصاعدية في أوساط المحاربين القدامى يأتي هذا الحادث في وقت تتزايد فيه التحذيرات من أزمة نفسية متفاقمة في صفوف الجنود والمحاربين القدامى في إسرائيل، خصوصًا منذ اندلاع الحرب الأخيرة. وبحسب تقرير صادر عن مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست، فقد حاول 279 جنديًا الانتحار خلال العام والنصف الماضيين، في مؤشر مقلق يعكس عمق الأزمة النفسية في أوساط القوات المسلحة. ويشير التقرير إلى أن نسبة محاولات الانتحار بين المقاتلين أعلى بكثير من نسبتهم العامة في الجيش، وأن حالات الانتحار في صفوف جنود الاحتياط ارتفعت بشكل ملحوظ خلال العامين الأخيرين. من جهته، أوضح وزارة الدفاع الإسرائيلية أن الزيادة في الأرقام تعود جزئيًا إلى الارتفاع الكبير في عدد المجندين منذ بداية الحرب، معتبرة أن "النسب الإجمالية لم تتغير بشكل جوهري"، لكنها لم تقدّم بيانات تدعم هذا الادعاء.
تحذيرات الخبراء يحذر خبراء الصحة النفسية من أن المرحلة الأخطر لم تأت بعد، مشيرين إلى أن الآثار النفسية للحروب غالبًا ما تظهر بعد انتهاء العمليات العسكرية، عندما يعود الجنود إلى الحياة المدنية ويبدأون بمواجهة الصدمات الكامنة. وقالت د. نوعا كوهين، أخصائية في الطب النفسي العسكري:"نحن على أعتاب موجة ثانية من الصدمات النفسية. كثير من المحاربين القدامى يعيشون في عزلة، يشعرون بعدم الاعتراف أو التقدير، وهو ما قد يؤدي إلى سلوكيات مأساوية كما شهدنا اليوم".