نفاع: إسرائيل ليست قلقة على دروز سوريا وما حصل بالسويداء هو نتاج تفاهمات إقليمية خفية

الصحفي كمال شاهين لراديو الناس: ما يحدث في السويداء ليس انفلاتًا بل "مشروع قمع منظم بتواطؤ إقليمي – والحل في حوار وطني شامل"

محمد مجادلة, سناء حمود|
2 عرض المعرض
المواجهات في السويداء
المواجهات في السويداء
المواجهات في السويداء
(منصة إكس)
لا زالت أصداء الأحداث المتسارعة في الجنوب السوري تضع ثقلها على المشهد الإقليمي الدولي، وسط اهتمام إعلامي وسياسي دولي حول التطورات الأخيرة، بينما اشتعلت الإطارات في شوارع البلاد، ما أدى إلى اختناق مروري كبير لساعات بسبب احتجاجات ناشطين من الطائفة العربية الدرزية الذين طالبوا بتدخل إسرائيلي لوقف نزيف جبل العرب.
نفاع: إسرائيل ليست قلقة على دروز سوريا وما حصل بالسويداء هو نتاج تفاهمات إقليمية خفية
هذا النهار مع سناء حمود ومحمد مجادلة
08:47
هذه الدعوات التي أطلقت من مفترقات طرق البلاد يوم أمس لا تحظَ بالإجماع، بل وهناك من ذهب بعيدا وحذّر من مخاطر التدخل الإسرائيلي في الأزمة الخطيرة التي تشهدها محافظة السويداء.

ما يحصل هو نتاج تفاهمات إقليمية خفية

في حديث خاص لراديو الناس، قال عضو الكنيست السابق والقيادي في الحركة التقدمية للتواصل، سعيد نفاع، إن الأحداث المقلقة في الجنوب السوري، وخاصة في منطقة السويداء، ليست مجرد تصعيد محلي بل نتيجة تفاهمات إقليمية خفية بين إسرائيل وتركيا وسوريا، تهدف إلى إعادة بسط سيطرة النظام السوري على المناطق الجنوبية.
وأوضح نفاع أن ما نشهده اليوم هو خرق لاتفاق "تفاهمات أيار 2025"، والتي تم التوصل إليها بين النظام السوري وقيادات محلية في جبل العرب، ومن ضمنها مشايخ عقل وشخصيات اعتبارية، بهدف تهدئة الأوضاع. لكنه أشار إلى أن تطورات إقليمية، بينها لقاءات في باكو – أذربيجان بحضور وفد إسرائيلي، كانت بداية لتفاهم ثلاثي – تركي إسرائيلي سوري – بشأن الجنوب السوري.
وأضاف: "النظام السوري مستعد لتقديم تنازلات كبيرة في إطار عملية تطبيع مع إسرائيل، والهدف الأساسي من قبل إسرائيل هو إنشاء منطقة عازلة تمتد حتى أطراف دمشق، بحماية إسرائيلية غير مباشرة".

انقسام داخلي وخرق الاتفاقات

2 عرض المعرض
المواجهات في السويداء
المواجهات في السويداء
المواجهات في السويداء
(منصة إكس)
نفاع تحدث عن انقسام داخلي في السويداء بين من يسعون إلى الحفاظ على التفاهمات والحوار، ومنهم الشيخان عقل والكرامة، وبين من يدعون إلى القتال والمواجهة، وعلى رأسهم الشيخ الهجري، الذي كان جزءًا من التفاهمات التي تراجع عنها النظام لاحقا".
وأشار إلى أن الشرطة المحلية والأمن الداخلي في السويداء تم تشكيلهما من أبناء المنطقة أنفسهم، ضمن الاتفاق، إلا أن جهات مسلحة من خارج الجبل أفشلت الترتيبات وأشعلت المواجهة.

إسرائيل ليست "قلقة على الدروز"

وفي رده على دعوات بعض الشخصيات الدرزية داخل إسرائيل لتدخل الجيش الإسرائيلي وزيادة الضربات، أكد نفاع أن هذه الدعوات قاصرة النظر وخطيرة، مضيفًا: "إسرائيل لم ولن تكن معنية براحة الدروز في سوريا. ما تفعله يخدم مصالحها الأمنية فقط، وأي تدخل من هذا النوع لن يكون في صالح الدروز، بل يجلب عليهم نقمًا أكبر".

ما المطلوب الآن؟

دعا نفاع إلى العودة الفورية لتفاهمات أيار 2025، وأكد أن جهودًا مكثفة تُبذل حاليًا على الأرض، مشيرًا إلى لقاء جرى بالأمس بين قيادات محلية وقائد قوى الأمن السورية، بهدف إعادة ترتيب الأوضاع الأمنية، وإخراج القوى العسكرية غير النظامية من المحافظة، والإبقاء فقط على أجهزة الضبط المحلية.
وختم قائلاً إن هناك تواصلاً مستمرًا داخل الجبل، وجهودًا حثيثة لوقف النزيف، معربًا عن أمله في عودة الاستقرار إلى الجنوب السوري والابتعاد عن أي تدخلات خارجية.

الصحفي كمال شاهين لراديو الناس: ما يحدث في السويداء ليس انفلاتًا

الصحفي كمال شاهين لراديو الناس: ما يحدث في السويداء ليس انفلاتًا
هذا النهار مع سناء حمود ومحمد مجادلة
13:29
بدوره، قال الصحفي السوري كمال شاهين في مقابلة مع راديو الناس إن التصعيد الأمني الخطير في محافظة السويداء جنوبي سوريا هو نتيجة سوء إدارة من السلطة السورية الجديدة، التي تسعى إلى فرض هيمنتها بالقوة، دون اعتبار للخصوصيات المحلية أو الدعوات المتكررة للحوار، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية وتهجير السكان.
وأوضح شاهين أن شرارة الأزمة اندلعت بعد اعتداء من عناصر مسلحة بدوية على مدنيين على طريق دمشق – السويداء، وهو ما تجاهلته السلطات بدلًا من معالجة أسبابه، لتبدأ بعدها محاولة فرض سيطرة أمنية شاملة عبر نشر قوى أمن وميليشيات مرتبطة بالنظام، دون تنسيق حقيقي مع المجتمع المحلي.

تواطؤ إقليمي ورسائل متبادلة

وأكد شاهين أن ما يجري في السويداء لا يمكن فصله عن التفاهمات الإقليمية، مشيرًا إلى لقاءات جرت في باكو – أذربيجان بين مسؤولين سوريين وإسرائيليين. واعتبر أن هذه الأحداث تحمل رسائل ضمنية إلى الأطراف الدولية، مفادها أن السلطة الحالية قادرة على "ضبط الجنوب"، ولو عبر العنف والقوة العسكرية.
كما أشار إلى وجود تنافس غير معلن بين إسرائيل وتركيا على الملف السوري، وهو ما ينعكس في طريقة التعامل مع الجنوب، قائلاً: "هناك صراع خفي لتحديد من يملك الكلمة العليا في إدارة المشهد السوري".

فقدان الثقة بالسلطة الجديدة

وشدد شاهين على أن المكون الدرزي في السويداء، كما غالبية السوريين، لا يثق بهذه السلطة، التي اعتبر أنها تكرّر ممارسات النظام السابق، من تهميش للمكونات، والإقصاء الطائفي، والتعامل الأمني المفرط مع أي مطالبة بالحقوق أو الاستقلالية.
وقال: "من الخطير أن يُطلب من سكان السويداء تسليم السلاح، في ظل فقدان الثقة الكامل بهذه الحكومة، وفي ظل تجربة الساحل السوري، حيث تم توثيق أكثر من 1600 قتيلا بعد تسليم السلاح".

دعوات للتدخل الإسرائيلي مرفوضة

ردًا على من يروّج داخل وخارج سوريا لتدخل إسرائيلي لحماية الدروز، اعتبر شاهين أن هذه الدعوات تُستخدم كمبرر إضافي لقمع السويداء، وتخدم السلطة لا السكان، قائلاً: "اتهام المكون الدرزي بالتعامل مع إسرائيل محاولة رخيصة لنزع الشرعية عن مطالبهم، في حين أن السلطة نفسها وصلت إلى الحكم بدعم إقليمي، وليس عبر صناديق الاقتراع".

إلى أين تتجه الأمور؟

عبّر شاهين عن خشيته من أن تتحول السويداء إلى نسخة جديدة من "الساحل السوري"، حيث يُستخدم الأمن لفرض الأمر الواقع، مشيرًا إلى وجود حالات نزوح، وانتهاكات بحق المدنيين، واختطاف نساء، واعتداءات رمزية مثل حلق الشوارب – في تقليد يحمل إذلالًا كبيرًا في الثقافة المحلية.

المطلوب: دولة لجميع السوريين

في ختام حديثه، دعا شاهين إلى فتح حوار وطني شامل بمشاركة كل المكونات السورية، وإطلاق الحريات السياسية، وعودة الأحزاب والنقابات، لبناء دولة مدنية حقيقية.
وقال: "لا نعيد اختراع العجلة. السوريون لا يريدون انفصالًا ولا فدرالية، فقط يريدون دولة تحترمهم وتضمن أمنهم. هذا ما عجزت عنه السلطة الجديدة، رغم كل التسهيلات الدولية".
First published: 09:54, 16.07.25