أزمة الحليب تتفاقم مجددًا: احتكار، بيروقراطية خانقة، وخسائر للمستهلكين

الخبير الاقتصادي وائل كريّم: “القطاع محتكر بالكامل والمجتمع خسر مرتين” | التاجر جبر حجازي: “الأزمة حقيقية بكل معنى الكلمة”

1 عرض المعرض
منتوجات الحليب
منتوجات الحليب
منتوجات الحليب
(فلاش 90)
تعود أزمة نقص منتجات الحليب إلى الواجهة من جديد في إسرائيل، في ظل شكاوى واسعة من المستهلكين وأصحاب المتاجر حول رفوف شبه فارغة، واعتماد متزايد على بدائل لم تكن تُستهلك سابقًا. ورغم خطط حكومية معلنة لمعالجة المشكلة، يبدو أن المشهد أكثر تعقيدًا مما يظهر في العناوين.
في مقابلة مع راديو الناس، قدّم الخبير الاقتصادي الدكتور وائل كريم قراءة معمّقة لجذور الأزمة، معتبرًا أن المشكلة أعمق من مجرد نقص عابر في الإنتاج.

“القطاع محتكر بالكامل والمجتمع خسر مرتين”

د. وائل كريّم: “القطاع محتكر بالكامل والمجتمع خسر مرتين”
غرفة الأخبار مع عفاف شيني
09:14
في بداية حديثه، قال الدكتور كريم إن المشكلة الأساسية تكمن في احتكار شبه كامل لقطاع الألبان من قبل شركتي إنتاج مركزيتين، وعلى رأسهما شركة "تنوفا". وأضاف: "نحن أمام قطاع محتكر بالكامل، وهذا الاحتكار خلق اختلالات واسعة. الشركة المركزية المصنعة مرتبطة بالقرى التعاونية والمزارع اليهودية التي تمتلك لوبيًا قويًا حافظ لسنوات طويلة على الامتيازات القديمة."
وأوضح الخبير أن المجتمع تكبّد خسارتين واضحتين: "أولًا، يدفع المواطن أسعارًا جنونية مقارنةً بدول متطورة. وثانيًا، تحوّلت التجمعات الزراعية إلى مشاريع عقارية مربحة، فتراجع الإنتاج الزراعي بشكل حاد."
وأشار إلى أن ارتفاع قيمة الأراضي الزراعية جعل الاستثمار العقاري أكثر جدوى من تربية المواشي: "حين تصبح الأرض بملايين، لا أحد سيفكّر بتربية الأغنام عليها. بناء عمارة أكثر ربحًا بكثير."
وحذّر الدكتور كريم من أن البيروقراطية هي “المرض الأساسي” للقطاع الزراعي في إسرائيل، مضيفًا: "حتى من يريد أن يبيع الخضار التي زرعها يحتاج للتحايل، لأن الإجراءات غير معقولة. فكيف الحال بقطاع كبير مثل الحليب؟"
كما انتقد القيود التي تفرضها الشركات على المزارعين: "حتى من يرغب اليوم في تربية أغنام لإنتاج الحليب يحتاج إذنًا من 'تنوفا'، وتحديد كمية إنتاجه وفق حسابات الشركة. هذا تعقيد يخنق المنافسة ويمنع دخول لاعبين جدد."

خطة سموتريتش: “حلول غير كافية مطلقًا”

ورفض الخبير الاقتصادي خطة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش لمعالجة أزمة الحليب، معتبرًا أنها قاصرة: "هذه الحلول تُمنح فيها بعض الامتيازات للمنتجين، لكنها لا تكفي. المشكلة احتكار وبيروقراطية، والحل يجب أن يكون بنيويًا، لا ترقيعيًا." وأكد أن استيراد منتجات الألبان من الخارج ضرورة مؤقتة: "لا بدّ في هذه المرحلة من توسيع الاستيراد لمدة سنة أو سنتين، بالتوازي مع إعداد خطة شاملة لإعادة هيكلة القطاع الزراعي."

التاجر جبر حجازي: “الأزمة حقيقية بكل معنى الكلمة”

التاجر جبر حجازي: “الأزمة حقيقية بكل معنى الكلمة”
غرفة الأخبار مع عفاف شيني
04:17
ومن الجانب الميداني، تحدّث جبر حجازي، صاحب سوبرماركت من مدينة طمرة، عن تأثير الأزمة على المستهلكين: "منذ أشهر نواجه سؤالًا يوميًا من الزبائن: هل لديكم حليب؟ دائمًا هناك نقص، خصوصًا في منتجات تنوفا التي يعتمد عليها معظم الناس."
وأضاف أن المستهلكين تخلّوا عن تفضيلاتهم السابقة: "في البداية رفض الزبائن الانتقال إلى شركات أخرى، ولكن اليوم يأخذون أي عبوة متوفرة. الوضع أصبح غير قابل للاختيار." وأشار إلى أن الأزمة تسببت بخسائر للتجار: "غياب الحليب يعطّل المبيعات. كنا نعتمد بنسبة 80% على منتجات تنوفا، واليوم لا تتجاوز 15%."
ووصف بعض أسباب النقص بأنها غير منطقية: "من غير المعقول أن يُلقى الحليب بسبب شروط معينة تتعلق بالسبت، بينما يعاني معظم المجتمع من نقص حقيقي."