2 عرض المعرض


جنود إسرائيليون على متن مركبة مدرعة يحملون علم حزب الله تم الاستيلاء عليه خلال القتال 2006
(Flash90)
أثار خطاب نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، في مناسبة "يوم الشهيد" اهتمامًا لافتًا في وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي اعتبرت تصريحاته مؤشرًا على حالة من التردد داخل الحزب بين خيار التصعيد العسكري ومواصلة سياسة ضبط النفس.
وفي خطابه قال قاسم إن "استمرار العدوان الإسرائيلي لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية، لكل شيء حدود ولن أقول أكثر من ذلك". صحيفة "إسرائيل هيوم" وصفت هذه الرسالة بأنها "تحذير ناعم"، يعكس – وفق تقديرها – حذرًا عميقًا داخل قيادة الحزب من الانزلاق نحو مواجهة واسعة رغم التصعيد المتواصل على الحدود.
إعادة بناء داخلية بتمويل إيراني ضخم
وكشفت الصحيفة أن حزب الله ينفّذ منذ مطلع العام 2025 عملية إعادة هيكلة وتجنيد كبرى تشمل آلاف العناصر الجدد، بتمويل مباشر من إيران، التي حوّلت – بحسب تقديرات إسرائيلية – نحو مليار دولار هذا العام تحت بند "الدعم الاستراتيجي".
ويشمل الدعم:
تطوير خطوط الإنتاج العسكري داخل لبنان
إصلاح منظومات الصواريخ والمخازن المتضررة من الغارات الإسرائيلية
تهريب مئات الصواريخ من سوريا خلال الأسابيع الأخيرة
هذه العملية – وفق التقرير – تهدف إلى إعادة بناء قوة الردع بعد الضربات التي تلقّاها الحزب خلال العامين الماضيين.
ضغوط داخلية وتراجع التأييد الشعبي
وتشير "إسرائيل هيوم" إلى أن حزب الله يواجه ضغوطًا سياسية وشعبية متزايدة داخل لبنان، ظهرت في الرسالة التي بعثها الحزب مطلع نوفمبر لرئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ليؤكد "حقه في مقاومة العدوان الإسرائيلي"، مع رفضه المطلق لأي مفاوضات مع إسرائيل.
وتعتبر الصحيفة أن الرسالة جاءت ردًا على تصاعد الدعوات اللبنانية – من ضمنها تصريحات لقائد الجيش جوزيف عون وعدد من النواب – التي تطالب ببحث تسوية سياسية باعتبارها "ضرورة وجودية" لوقف التدهور الداخلي.
كما نقلت الصحيفة عن مصادرها وجود تململ في صفوف المقاتلين جرّاء غياب ردود عسكرية "حاسمة" على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، ما دفع قاسم لاستخدام نبرة تهدئة داخلية.
رسائل مزدوجة: للسلطة ولجمهور الحزب
ويرى التقرير أن خطاب قاسم حمل رسالة مزدوجة:
إلى الحكومة اللبنانية: الدعوة إلى ممارسة ضغط دبلوماسي على إسرائيل.
إلى جمهور الحزب: التأكيد أن سلاح حزب الله لا يزال "صمام الأمان" وأن الحزب لن يتخلى عن دوره العسكري.
لكن الصحيفة تلفت إلى أن هذه الرسائل تأتي في ظل عجز الجيش اللبناني عن ضبط نشاط الحزب، واستمرار هيمنته على الجنوب.
تعزيز النفوذ الإيراني: اقتصادًا وعقيدةً
وتوضح الصحيفة أن طهران تعمل على تعزيز حضورها داخل البيئة الشيعية في لبنان عبر:
الدعم المالي المستمر
ترسيخ المرجعية الأيديولوجية للمرشد الإيراني علي خامنئي
وفي هذا السياق، أطلقت إيران في أكتوبر النسخة العربية من كتاب خامنئي "الشعر والموسيقى في الفقه الإسلامي" في احتفال ببيروت شارك فيه نعيم قاسم.
كما نشر مكتب خامنئي رسمًا يجمع قاسم بالأمناء العامين السابقين للحزب، مع تعليق: "قصة حزب الله مستمرة… وهو ثروة للبنان وما بعده".
إسرائيل أمام فرصة استراتيجية
وترى "إسرائيل هيوم" أن الوضع الراهن يمنح إسرائيل نافذة استراتيجية، إذ يعاني الحزب من "هشاشة سياسية واجتماعية" داخل بيئته، ما يتيح مواصلة الضغط عليه عسكريًا واقتصاديًا.
غير أن مراكز بحثية إسرائيلية – بحسب الصحيفة – توصي بتوسيع المواجهة إلى المجال الاجتماعي والفكري، عبر دعم مشاريع مدنية بديلة لشبكات حزب الله، وتقليص اعتماد المجتمع الشيعي على مؤسساته.
الانتخابات اللبنانية 2026: اختبار لشعبية الحزب
وتختم الصحيفة تحليلها بالإشارة إلى أن الانتخابات النيابية المقررة في مايو 2026 ستكون اختبارًا حاسمًا لشعبية حزب الله، في ظل تنامي الغضب الشعبي في الجنوب والبقاع.
وتقدّر الصحيفة أن الحزب يسعى اليوم إلى الموازنة بين لغة التهديد وضبط النفس، خشية أن تؤدي مواجهة مباشرة مع إسرائيل إلى خسارة سياسية وعسكرية في لحظة تستثمر فيها إيران مبالغ ضخمة لتعزيز نفوذه الإقليمي.


