70 قتيلاً خلال 10 سنوات | اللد تتصدر الجريمة في البلاد

من بين الحالات المؤلمة التي يوردها التحقيق، مقتل الفتى أنس الوحواح (18 عامًا)، الطالب المتفوّق والمتطوع في الإسعاف، أثناء انتظاره لوالدته داخل مركبة. ويُعتقد أنه كان ضحية "لسلسلة دم" بين عائلته وعائلة أخرى في المدينة، سقط فيها حتى اليوم عدة أقارب من الطرفين دون توقف. 

1 عرض المعرض
من مكان الجريمة في مدينة اللد
من مكان الجريمة في مدينة اللد
من مكان الجريمة في مدينة اللد
(تصوير الاسعاف)
في تحقيق موسّع نُشر بالتعاون بين موقع "شومريم" وملحق "7 أيام" في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، تم الكشف عن حجم غير مسبوق من جرائم القتل في مدينة اللد، والتي حصدت أرواح نحو 70 شخصًا خلال السنوات العشر الماضية، معظمهم من المواطنين العرب، وسط نسب متدنية جدًا من فك ألغاز هذه الجرائم.
قتلى بالعشرات وخيوط بلا أجوبة يُشير التحقيق إلى أن غالبية جرائم القتل وقعت في القسم الشرقي من المدينة، في منطقة صغيرة نسبيًا، تشهد تركزًا سكانيًا عربيًا. وبينما تم فك جميع جرائم القتل التي راح ضحيتها يهود، بقيت 78% من الجرائم التي راح ضحيتها عرب دون حل، ما يكشف فجوة خطيرة في تعامل الشرطة. من بين الحالات المؤلمة التي يوردها التحقيق، مقتل الفتى أنس الوحواح (18 عامًا)، الطالب المتفوّق والمتطوع في الإسعاف، أثناء انتظاره لوالدته داخل مركبة. ويُعتقد أنه كان ضحية "لسلسلة دم" بين عائلته وعائلة أخرى في المدينة، سقط فيها حتى اليوم عدة أقارب من الطرفين دون توقف.
من القتل الانتقامي إلى "الموجع": لا أحد في مأمن يكشف التحقيق عن ظاهرة "الموجع"، حيث يعمد الجناة لاستهداف أشخاص لا علاقة لهم مباشرة بالنزاع، مثل المتفوّقين أو النساء أو الأطفال، بهدف إيلام الطرف الآخر بأقصى درجة ممكنة. ويُستخدم هذا النهج، وفق شهادات، في تحصيل ديون أو الردع، وتحوّل إلى أداة شائعة في نزاعات المدينة. إحدى القضايا التي تعكس هذا المفهوم كانت محاولة اغتيال مدير مدرسة عربي، رغم أنه لا علاقة له بالنزاع، وإنما لاستهداف قريب له بسبب دين مالي.
ساحة مفتوحة لتصفية النساء يوثّق التحقيق مقتل 16 امرأة في المدينة خلال عقد، نصفهن تقريبًا من النساء العربيات، ومعظم الجرائم التي استهدفتهن لم تُحل، على خلاف جرائم قتل النساء اليهوديات التي فُكّ رموزها جميعًا. ويتم، بحسب الشهادات، تنفيذ العديد من هذه الجرائم من خلال قتلة مأجورين لإخفاء هوية من أمر بالجريمة. يظهر ذلك في حالة الشابة ربى أبو صيام التي لجأت لعائلتها هربًا من زوجها بعد تعرضها لتهديدات وعنف، وتقدّمت بشكاوى، بل ونجت من محاولة اغتيال سابقة، قبل أن تُقتل برصاص مجهول أمام طفلتها. رغم وجود معلومات استخباراتية مسبقة، لم تُحبط الشرطة الجريمة ولم تُقدّم أي لائحة اتهام.
من صراعات العائلات إلى الإهمال المؤسسي يورد التحقيق صراعات عائلية متواصلة، مثل النزاع بين عائلتي أبو صعلوك والزبارقة، الذي انطلق بسبب خلاف على استخدام مسجد، وخلّف أكثر من تسعة قتلى. كما يتحدث عن قتل بسبب فاتورة كهرباء أو لعبة كرة قدم بين أطفال. ويشير سياسيون ونشطاء محليون إلى أن التدهور الاجتماعي، وغياب البنية التحتية، وانعدام الثقة بالشرطة، تدفع الأحياء العربية في اللد إلى الفوضى. فالشباب لا يجدون أفقًا للسكن أو العمل، مما يدفعهم نحو السوق السوداء والسلاح.
الدولة والشرطة: فشل منهجي وازدواجية في التعامل يوجه التحقيق انتقادات إلى الشرطة التي تتذرع بغياب التعاون من السكان العرب، فيما يرى السكان أن السلطات لا تحميهم، وأن تعامل الشرطة مع العرب أقل جدية. ويُظهر تحليل الأرقام أن نسبة فك الجرائم ضد اليهود تبلغ 100%، مقابل 22% فقط للعرب. في ظل هذا الواقع، تفقد لجان الصلح التقليدية تأثيرها، كما يؤكد مسؤولون سابقون في الشرطة، ويطالبون بدمج بين الردع الشرطي والاستثمار الاجتماعي. إلا أن سكان المدينة يعتبرون أن سياسة التهميش والتوسع الاستيطاني الداخلي (اللباس الديني اليهودي) تزيد الطين بلّة، وتُضعف الثقة أكثر.
اختناق المدينة وانفجارها من خلال عشرات الشهادات والقصص، يُظهر التحقيق كيف تحولت اللد إلى نموذج مصغّر للانفجار الاجتماعي والسياسي، حيث تختلط الجرائم بالعنف المنزلي، والمشاكل العقارية، والنزاعات العائلية، والتمييز القومي، في مدينة تبعد أقل من نصف ساعة عن تل أبيب.