"محتجز بظروف غير إنسانية" | كيف أصبح طفل مصاب بالتوحّد متهما بقضايا أمنية؟

والدة فتى من أم الفحم متهم بالتخابر عبر الإنترنت تروي لـ"راديو الناس": "ابني مصاب بالتوحّد... تعرّض للتعذيب والاحتجاز في ظروف غير إنسانية" 

1 عرض المعرض
اعتقال - صورة توضيحية
اعتقال - صورة توضيحية
اعتقال - صورة توضيحية
(الشرطة)
في شهادة مؤثرة بثّها راديو الناس، كشفت والدة فتى من مدينة أم الفحم، يبلغ من العمر 14 عاماً ومصاب باضطراب التوحّد، تفاصيل صادمة عن ظروف اعتقاله ومعاملته، بعد أن وُجّهت له تهم أمنية وُصفت بأنها “خطيرة”، من بينها التواصل مع "عميل أجنبي" والانتماء إلى مجموعة تُتهم بدعم تنظيم إرهابي.
الوالدة، التي رفضت ذكر اسمها حفاظاً على خصوصية ابنها، بدأت حديثها بالقول: "ابني طفل عادي لكنه مصاب بالتوحّد، يعاني من مشاكل نفسية وجسدية معقّدة، ولا يملك أي أصدقاء. لا يخرج من البيت إلا إلى المدرسة، وحتى هناك من يرافقه في الذهاب والإياب. لم يتعامل يوماً مع أحد خارج هذا الإطار".
والدة فتى من أم الفحم متهم بالتخابر عبر الإنترنت تروي لـ"راديو الناس": "ابني مصاب بالتوحّد."
استوديو المساء مع شيرين يونس
08:38
وتابعت موضحة أن ابنها درس طوال حياته في مدارس يهودية في تل أبيب، مؤكدة أن الاتهامات الأخيرة "جاءت بشكل مفاجئ وصادم للعائلة": "الكل على مواقع التواصل بدأ يتحدث عن لائحة اتهام كبيرة وخطيرة، لكن الحقيقة أن الاتهام الرسمي الصادر ضده لا يتعدى تهمتين تتعلقان باستخدام الإنترنت. الشرطة كانت قد روّجت لتهم أكبر بكثير، مثل نقل معلومات للعدو أو دعم تنظيم إرهابي، لكن هذه الادعاءات لم تثبت أبداً".

البداية: جملة في الانترنت

وأشارت إلى أن ابنها ربما كتب جملة عابرة في لعبة إلكترونية أو على تطبيق ذكاء اصطناعي مثل "شات جي بي تي"، وهو ما فُسِّر بشكل مبالغ فيه: "ابني لا يفهم في السياسة ولا يعرف حتى معنى ما يُكتب. المشكلة أنه كتب شيئاً على الإنترنت، ربما في لعبة أو محادثة، وتم تضخيم الأمر بشكل غير إنساني. حتى الآن لا يوجد أي دليل ملموس ضده، وهو ينفي تماماً أن يكون قد فعل شيئاً مما يُتهم به".
وتحدثت الأم بحرقة عن ظروف احتجاز ابنها القاسية، التي وصفتها بأنها “تفوق قدرة أي طفل على الاحتمال”: "الولد تعرّض لظروف احتجاز مستحيلة. داهموا بيتنا بعنف شديد، استخدموا وحدات كبيرة وهدّدوه وهو في حالة خوف شديد. صرخوا عليه وضربوه فقط ليأخذوا كلمة السر لهاتفه. على الطريق كانوا يهددونه بإبر مخدّرة إن لم يتكلم. اليوم لديه جروح في يديه من تقييد الأصفاد، وهناك أصابع لم يعد يشعر بها".
وأضافت الأم أن ابنها لم يُعرض على أي طبيب أو مختص نفسي رغم حالته، وقالت: "ابني يتبع نظاماً غذائياً خاصاً بسبب مشكلاته الصحية، ويحتاج إلى ملابس معينة لأنه لا يتحمل أنواعاً معينة من القماش. في السجن ينام على الأرض، يعاني من البرد والجوع، وتُمارس عليه سياسة تجويع ممنهجة، وهناك ضرب دائم للسجناء. هذا أمر لا يمكن للعقل أن يتقبله، خاصة بحق طفل مريض".
وأوضحت الأم أن المحامية سجى برانسي، من لجنة مناهضة التعذيب، تتابع القضية وقدّمت للمحكمة كافة الوثائق الطبية والتقارير المدرسية التي تثبت أن الفتى مصاب بالتوحّد ويحتاج إلى رعاية خاصة، إلا أن السلطات لم تأخذها في الاعتبار: "قدمنا كل التقارير من المدرسة، من طبيبه، ومن صناديق المرضى، لكن المحكمة لم تلتفت إلى أي من هذه الأوراق. حتى عندما أصدرت القاضية أمراً يمنع ضربه، عاد في الجلسة التالية وهو مضروب. للأسف، لا يُنظر إلى وضعه الصحي ولا إلى عمره".
وتابعت قائلة بنبرة يغلب عليها الإحباط: "القضية أظهرت أننا أمام نهج خطير، يمكن أن يُتهم أي إنسان فقط لأنه كتب شيئاً على الإنترنت. أقول لكل من يسمعني: يمكن لأيٍّ منا أن يجد نفسه في هذا الموقف، أنت أو ابنك أو زوجك، فقط لأنك بحثت عن موضوع معين أو كتبت كلمة في محادثة إلكترونية".
وفي ختام حديثها، عبّرت الأم عن أملها في أن تأخذ العدالة مجراها، وأن يُفرج عن ابنها قريباً، مؤكدة أن ما يمر به "يفوق قدرته النفسية والجسدية": "ابني لا يستحق هذا المصير، ولا يمكن أن يُعامل بهذه القسوة. أتمنى أن يُعاد النظر في قضيته، وأن يُعامل كطفل مريض يحتاج إلى علاج، لا كسجين خطر. كل ما أريده هو أن يعود إلى بيته بسلام".