في مقابلة "راديو الناس"، حذر المحاضر الأكاديمي والمختص في شؤون التربية والتعليم، بروفيسور خالد أبو عصبة، من التبعات السلبية المترتبة على دعوات جمع معلومات عن المعلمين العرب، والتي تأتي في ظل تصاعد سياسات الملاحقة والتضييق منذ السابع من أكتوبر.
أبو عصبة: جمع المعلومات عن المعلمين العرب يضرب ثقة المعلم بجهاز التعليم
غرفة الأخبار مع عفاف شيني
06:20
وقال أبو عصبة إن "شعور المعلم بأنه مراقب وملاحق في بيئة عمله يؤدي إلى تآكل ثقة المعلم بنفسه وبجهاز التعليم، ويقوّض الدور التربوي الحقيقي الذي ينبغي أن يمارسه"، مضيفًا: "نحن لا نحتاج إلى روبوتات داخل الصفوف، بل إلى معلمين أحرار التفكير، يحملون موقفًا تربويًا وإنسانيًا تجاه قضايا الحياة والمجتمع".
المناخ التربوي يجب أن يعزز الثقة
وأوضح أن مثل هذه السياسات تؤثر بشكل مباشر على جودة التعليم في المدارس العربية، وتنعكس على طلابٍ قد يفقدون الدافعية والمعنى من العملية التعليمية، مؤكداً أن "المناخ التربوي يجب أن يكون منفتحًا ويعزز الثقة، لا أن يُبنى على الشك والملاحقة".
وتطرق أبو عصبة إلى ما وصفه بـ"مناخ الخوف" الذي أصبح يهيمن على المعلمين، خاصة فيما يتعلق بالتعبير عن الرأي، حتى في إطار النقاشات الصفية. وقال: "إذا فقد المعلم جوهر رسالته، ولم يعد يشعر بالأمان للتعبير أو النقاش، فهذا مؤشر خطير".
واختتم بدعوة المعلمين إلى التوازن بين الحذر المهني وعدم التخلي عن الرسالة التربوية الجوهرية، قائلاً: "المعلم يجب أن يكون حذرًا، لكن دون أن يفقد استقراره أو قيمته كمربي وصاحب رسالة"
توما سليمان: "لن نقبل بسياسة كمّ الأفواه"
توما سليمان: "لن نقبل بسياسة كمّ الأفواه"
غرفة الأخبار مع عفاف شيني
07:12
بدورها، قالت عضوة الكنيست عن الجبهة والعربية للتغيير، عايدة توما سليمان، إن الإجراءات الأخيرة التي تتخذها الحكومة تجاه جهاز التعليم العربي تمثل "تصعيدًا خطيرًا"، لكنها في الوقت ذاته "امتداد لنهج قديم"، محذرة من محاولات فرض رقابة ممنهجة على المعلمين العرب ومنعهم من التعبير عن الرأي أو مناقشة ما يجري في المجتمع.
وفي مقابلة على راديو الناس، شددت توما سليمان على أن "وزارة التربية والتعليم، تسعى إلى إحداث تغيير جذري في المدارس يتمثل في قمع حرية الرأي ومنع أي نقاشات داخل الصفوف".
وأضافت: "هناك التفاف من قوى اليمين، ومن منظمات مجتمعية وصحافة، للتسريع في فرض هذه السياسات، وكأن المطلوب أن يُرافق كل معلم عنصر من الشاباك يتابع كل كلمة وهمسة"، مشيرة إلى أن الإجراءات لا تقتصر فقط على المعلمين العرب، لكنها تطالهم بشكل خاص وممنهج. وأضافت "صحيح أن بعض المعلمين اليهود تعرضوا للملاحقة أيضًا، لكن الأجواء في المدارس اليهودية تتيح قدرًا أكبر من حرية التعبير، بينما يُفرض على المعلمين العرب مناخ من القمع والترهيب".
وعن انعكاسات هذه السياسات على الأجيال القادمة، قالت: "إذا تحول المربي إلى إنسان خائف غير قادر على التعبير، فهذه صورة ستُزرع في طلابه، وسينشأ جيل لا يثق بنفسه ولا يملك أدوات التفكير الحر".
وأشارت إلى أن الخطر الأكبر لا يكمن فقط في الرقابة الحكومية، بل في الرقابة الذاتية التي يبدأ المعلمون بفرضها على أنفسهم خوفًا من العقاب: "ممنوع أن يجعلنا الخوف مشلولين. كسرنا هذا الخوف في التظاهرات، ويجب أن نكسره أيضًا في صفوفنا ومدارسنا".
كما شددت على ضرورة عدم الانجرار وراء سياسات التكميم قائلة "مدارسنا ليست مزارع تجييش، بل يجب أن تكون منارات فكرية. من حق المعلمين أن يناقشوا مع طلابهم قضايا مجتمعية وإنسانية دون خوف".
وفي ختام حديثها، حذّرت توما سليمان من أن "السكوت على هذه السياسات اليوم يعني تثبيتها كأمر واقع في المستقبل، حتى في غياب الحرب أو الظروف الأمنية"، وأضافت: "هم يؤسسون لمرحلة يصبح فيها القمع جزءًا من طبيعة العلاقة بين الدولة والمدارس العربية".