تعقد الحكومة الإسرائيلية اليوم جلسة حاسمة من المقرر أن تُطرح خلالها مقترحات تتعلق بمستقبل الخطة الخماسية لتقليص الفجوات في المجتمع العربي (القرار 550)، وسط مخاوف جدّية من نوايا حكومية بإلغاء أجزاء واسعة من الخطة أو إعادة توجيه ميزانياتها بعيدًا عن أهدافها الأصلية.
وبحسب المعطيات المتداولة، تعمل وزيرة المساواة الاجتماعية ماي غولان على الدفع باتجاه إلغاء الخطة بشكلها الحالي، وتحويل ميزانيات تُقدَّر بمليارات الشواقل إلى مؤسسات وجهات أمنية وسياسية، بينها وزارة الأمن القومي التي يقودها إيتامار بن غفير. خطوة كهذه تُثير انتقادات واسعة في أوساط المجتمع العربي والهيئات الحقوقية، التي تعتبر ما يجري محاولة لتفريغ الخطة من مضمونها التنموي وتحويلها إلى أداة أمنية بحتة.
تقليص الفجوات
الخطة الخماسية التي أقرتها الحكومة السابقة وبدأ تنفيذها عام 2022 شملت استثمارات ضخمة في التعليم والبنى التحتية والتشغيل والإسكان في المدن والبلدات العربية، وشكّلت وفق تقييمات مهنية، مسارًا مهمًا لتقليص الفجوات المتجذّرة منذ عقود. غير أن التحركات الحكومية الحالية تُهدد بتعطيل هذه المنجزات، وإعادة المجتمع العربي إلى دائرة التهميش.
قلق في المجتمع العربي
في المقابل، عبّر أعضاء كنيست ومسؤولون عرب عن قلق بالغ من الاتجاهات السياسية الجديدة، مؤكدين أن “المواطنة الحقيقية تُقاس بالعدالة في توزيع الموارد لا باعتبارات أمنية قمعية”. وشددوا على أن نقل ميزانيات التنمية إلى جهات أمنية من شأنه أن يعمّق فقدان الثقة ويزيد الاحتقان في الشارع.
ومن المتوقع أن تتجه الأنظار خلال الساعات المقبلة إلى مداولات الحكومة وقراراتها، التي ستحدد ما إذا كانت الخطة ستستمر كبرنامج وطني لمعالجة الفجوات، أم أن الأولوية ستتحوّل نحو مقاربة أمنية في التعامل مع المجتمع العربي، بكل ما يحمله ذلك من تداعيات خطيرة على المدى البعيد.
منصور عباس يتوجه للعالم حول الموضوع
وفي سياق متصل، وجّه رئيس القائمة العربية الموحّدة، النائب د. منصور عباس، رسائل رسمية إلى سفراء ودبلوماسيين من دول مختلفة حول العالم، دعاهم فيها إلى ممارسة ضغوط سياسية على الحكومة الإسرائيلية للعدول عن ما وصفه بـ “القرار العنصري المحتمل” بإلغاء الخطة الخماسية للمجتمع العربي وتحويل ميزانياتها إلى أغراض أمنية. وشدّد عباس في رسائله على أن هذه الخطوة تمسّ بشكل مباشر بالمواطنة المتساوية وتشكّل تراجعًا خطيرًا عن التزامات الدولة بتقليص الفجوات الاقتصادية والاجتماعية. كما حذّر من أنّ تحويل ميزانيات التنمية إلى وزارة الأمن القومي سيؤدي إلى تعزيز سياسة القمع بدل الاستثمار في الشباب والبنى التحتية والمستقبل.
بيان القائمة الموحدة
النائب د. منصور عباس يتوجّه إلى الأمين العام لمنظمة OECD محذرًا من خطورة إلغاء ميزانيات الخطط الخماسية للمجتمع العربي
توجّه النائب د. منصور عباس، رئيس القائمة العربية الموحّدة، برسالة رسمية إلى السيد ماتياس كورمان، الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، معبّرًا عن بالغ قلقه من التوجّهات الحكومية الأخيرة الرامية إلى تقليص أو إلغاء الميزانيات المخصّصة للخطط الخماسية لتطوير البلدات العربية.
وأوضح د. عباس في رسالته أنّ هذه الخطط وضِعت انسجامًا مع مبادئ المنظمة، وتهدف إلى معالجة فجوات بنيوية تراكمت عبر عقود بين البلدات العربية واليهودية، خاصة في مجالات البنى التحتية، التطوير الاجتماعي، التعليم، التشغيل، الإسكان، والأمن الشخصي. وشدّد على أنّ هذه الخطط لا تهدف فقط إلى تقليص الفجوات، بل إلى تعزيز التماسك الاجتماعي وبناء الثقة وضمان الاستقرار على المدى البعيد.
وأشار د. عباس إلى أنّ تحويل هذه الميزانيات أو إلغائها يمثّل انتكاسة خطيرة ستطال مباشرة مئات آلاف المواطنين العرب، وتهدّد بتقويض سنوات من التقدّم في العمل المشترك بين الوزارات الحكومية والسلطات المحلية العربية ومؤسسات المجتمع المدني. كما نبّه إلى أنّ هذه الخطوة قد تعمّق الفجوات وتزيد من حالة عدم الاستقرار وتمسّ بالنسيج الاجتماعي العام.
وطالب د. عباس في ختام رسالته منظمة OECD بمتابعة هذا التطور الخطير وإبداء موقف واضح يؤكد أهمية استمرار هذه البرامج وعدم المساس بميزانياتها، مؤكدًا استعداده لتقديم أي معطيات أو وثائق إضافية حول تداعيات هذا القرار.



