أفاد تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز أن القيادة الإيرانية ارتكبت خطأً في الحسابات ساهم في حجم الخسائر الكبيرة التي خلّفتها الضربات الإسرائيلية الأخيرة، إذ لم تتوقّع طهران أن تبادر إسرائيل إلى تنفيذ هجوم قبل جولة المحادثات النووية التي كانت مقررة يوم الأحد المقبل في سلطنة عمان.
تجاهل الاستعدادات وغياب التحصين
ونقلت الصحيفة، استنادًا إلى مقابلات مع ستة مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى وعضوين في الحرس الثوري، أن القيادة الإيرانية استهانت بالتحذيرات، واعتبرت الحديث عن هجوم وشيك مجرّد "دعاية إسرائيلية للضغط في المفاوضات". ونتيجة لهذا الاطمئنان، تم تجاهل إجراءات احترازية كانت مقررة مسبقًا، ولم يلجأ كبار القادة إلى الملاجئ في الليلة التي شنت فيها إسرائيل غارات جوية على ما لا يقل عن 15 موقعًا داخل إيران، من بينها طهران وأصفهان وتبريز وقم وشيراز وهمدان وكركوك وغيرها.
اغتيال قادة كبار وضرب مواقع استراتيجية
وفق التقرير، فقد أدّت إحدى الغارات إلى مقتل قائد وحدة الفضاء الجوي في الحرس الثوري، الجنرال أمير علي حاجي زاده، وعدد من كبار ضباطه أثناء اجتماع طارئ في قاعدة عسكرية بطهران. وخلّفت الضربات الإسرائيلية أضرارًا جسيمة شملت تعطيل منظومات دفاع جوي، تدمير رادارات، شلّ القدرة على استخدام الصواريخ الباليستية، وإصابة منشآت مرتبطة بالبرنامج النووي، بينها الجزء العلوي من منشأة نطنز للتخصيب.
تساؤلات وغضب داخل النظام
أشارت مراسلة الصحيفة، فرناز فصيحي، إلى أن رسائل داخلية تم تبادلها بين مسؤولين إيرانيين بعد الهجوم تضمنت تساؤلات غاضبة من نوع: "أين دفاعاتنا الجوية؟"، و"كيف تنفذ إسرائيل هذه الهجمات وتغتال قادتنا دون أن نمنعها؟"، في وقت أقرّت فيه دوائر أمنية بوجود إخفاقات استخبارية كبيرة سبقت الضربات.
خامنئي: "هم بدأوا الحرب"
في أعقاب الهجوم، نُقل المرشد الأعلى علي خامنئي إلى موقع آمن، حيث ترأس اجتماعًا طارئًا لمجلس الأمن القومي، وأعرب عن رغبته في الانتقام لكنه شدد على ضرورة عدم التسرع. وفي خطاب متلفز لاحقًا، قال خامنئي: "لا يظنّوا أنهم هاجموا وانتهى الأمر. هم بدأوا الحرب، ونحن لن نتركهم يفلتون دون عقاب"، معلنًا أن إيران أطلقت رشقات صاروخية على تل أبيب والقدس ردًا على القصف.
انقسام داخلي حول الردّ والتصعيد
بحسب التقرير، برزت انقسامات داخلية حول حجم الرد وتوقيته، لا سيما في ظل الضرر الكبير الذي لحق بقدرات إيران الدفاعية والصاروخية، وتخوّف البعض من أن تؤدي مواجهة موسعة إلى تدخل أمريكي مباشر أو إلى فوضى داخلية. وقال أحد أعضاء الحرس الثوري إن القيادة الإيرانية كانت تخطط لإطلاق ألف صاروخ دفعة واحدة، لكن الضربات الإسرائيلية على قواعد الصواريخ منعت تجهيز العدد المطلوب، لتقتصر الدفعة الأولى على نحو 100 صاروخ.