رغم الأجواء المتفائلة التي سادت في الولايات المتحدة في أعقاب الجهود الجديدة لإدارة دونالد ترامب للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب في أوكرانيا، أدلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مساء الخميس بتصريحات تشير إلى أنه غير مستعجل لوقف القتال.
فخلال مؤتمر صحفي في قيرغيزستان، قال بوتين إنه سيوافق على وقف إطلاق النار فقط إذا انسحبت القوات الأوكرانية من المناطق التي تشكّل محور القتال في حوض دونباس شرقي أوكرانيا. كما كرّر موقفه القائل بعدم جدوى توقيع أي اتفاقيات في الوقت الحالي مع القيادة الأوكرانية التي يعتبرها “غير شرعية”.
وقال بوتين:"على القوات الأوكرانية الانسحاب من المناطق التي تسيطر عليها، عندها سيتوقف القتال. إن لم يفعلوا، سنحقق ذلك بالوسائل العسكرية. هذا كل شيء".
وبحسب بوتين، تسيطر كييف اليوم على نحو 30% من محافظة دونيتسك، وتخوض معارك عنيفة في ما يسمى “حزام التحصينات”، في محاولة لصدّ تقدم القوات الروسية التي تواجه بدورها خسائر ثقيلة.
انتقاد للغرب ودفاع عن خطة مبعوث ترامب
بوتين اتهم “جهات في الغرب” بأنها تطالب كييف بمواصلة القتال “حتى آخر جندي أوكراني”، مؤكدًا أن روسيا “مستعدة لذلك”. وقال إن قواته التي تحاصر الآن مدينة بوكروفسك “تتقدم بسرعة أكبر”.
وفيما يتعلق بخطة السلام التي يعمل عليها مبعوث ترامب الخاص، ستيف ويتكوف، والتي تضمّنت في نسختها الأولى انسحابًا أوكرانيًا كاملاً من دونباس، قال بوتين إن الخطة “يمكن أن تكون أساسًا لمفاوضات مستقبلية”، مشيرًا إلى أن واشنطن أخذت في الحسبان المواقف الروسية. لكنه أكد الحاجة إلى المزيد من الحوار حول البنود المختلف عليها.
ومن المقرر أن يصل ويتكوف إلى موسكو الأسبوع المقبل للقاء بوتين، بينما سيرسل ترامب وزير الجيش الأمريكي دان دريسكول للقاء مسؤولين أوكرانيين.
بوتين دافع عن ويتكوف بعد الانتقادات التي تعرّض لها الأخير على خلفية تسريب مكالمة مع مستشار رئاسي روسي، وقال:"هذا هراء… ويتكوف ليس مواليًا لروسيا، بل يعمل لمصلحة بلاده".
التشكيك بشرعية زيلينسكي ورفض توقيع اتفاقات معه
عاد بوتين ليطعن بشرعية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بسبب تأجيل الانتخابات في بلاده، مؤكدًا “أنه لا معنى لتوقيع اتفاق معه في الظروف الحالية”، وأضاف أن أي اتفاق مستقبلي يجب أن يحظى بـ“اعتراف دولي” يشمل أيضًا “الاعتراف بالمناطق التي ضمّتها روسيا”، وهو ما ترفضه كييف وحلفاؤها الأوروبيون بشكل قاطع.
تحذيرات أمريكية وأجواء قلق أوروبي
تصريحات بوتين جاءت بالتزامن مع تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، يفيد بأن دريسكول حذّر دبلوماسيين غربيين من أن روسيا تجمع عددًا متزايدًا من الصواريخ بعيدة المدى، من دون استخدامها بالوتيرة السابقة، ما أثار مخاوف أوروبية من احتمال هجوم كبير.
مخاوف من توسع الحرب
وفي فرنسا، أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون عن برنامج جديد للتجنيد التطوعي للشباب، بهدف تعزيز قوة الجيش ورفع جاهزية قوات الاحتياط، وذلك في ظل تقديرات عسكرية بأن مواجهة بين أوروبا وروسيا “قد تكون ممكنة خلال 3 أو 4 سنوات”.
البرنامج يستهدف تجنيد 3000 شاب في 2026، وصولًا إلى 50 ألفًا بحلول العام 2035، في خطوة تزامنت مع تصريحات لافتة لرئيس الأركان الفرنسي فابيان ماندون الذي قال إن فرنسا “تفتقر لروح القتال”، داعيًا رؤساء البلديات لإعداد المجتمع لاحتمالات خسائر بشرية في حال صراع عسكري مع روسيا.


