بين المسؤوليات والالتزامات المجتمعية، والسعي وراء الترفيه والفرح، وبين الأوضاع الاقتصادية والسياسية الصعبة منذ اندلاع أحداث 7 أكتوبر، مرورًا بحرب الشمال ووصولًا إلى الحرب مع إيران، يقف المواطن العربي أمام تحديات جمّة وضغوط غير مسبوقة على مختلف المستويات.
راديو الناس سلط الضوء على أحد هذه الجوانب، وهو موسم الأعراس، الذي يشهد في السنوات الأخيرة مظاهر ترف مبالغ فيها، في وقت تُوجّه فيه أصابع الاتهام إلى قاعات الأفراح برفع الأسعار، ما يؤدي إلى زيادة الأعباء على أصحاب المناسبة، ورفع قيمة "النقوط" من قبل المدعوين.
أحمد إبداح صاحب قاعة أفراح
استوديو الخميس مع فراس خطيب
05:36
أسعار استئجار القاعات تتأثر بالغلاء
في حديث خاص لبرنامج "راديو الناس"، أكد أحمد إبداح، صاحب قاعة "ألماس للأفراح" وعضو رابطة القاعات والمطاعم في البلاد، أن أسعار الأعراس تأثرت بالارتفاع العام في تكاليف المعيشة، إلا أن القاعات تحرص على عدم تحميل العرسان كامل عبء الغلاء.
وأوضح إبداح أن تكلفة الوجبات في قاعات الأفراح ارتفعت بنسبة تتراوح بين 25% إلى 30% خلال العامين الأخيرين، ويعود ذلك إلى الغلاء العام بعد جائحة كورونا والحرب على غزة، وليس إلى سياسة تسعيرية جديدة من طرف القاعات. وقال: "لم نرفع الأسعار على العرسان بما يتناسب مع ارتفاع التكاليف، لأن هدفنا هو إسعاد الناس، لا إثقال كاهلهم".
وأضاف أن كل قاعة تحدد أسعارها وفقًا للمنطقة والبيئة المحلية، ولا يوجد تسعير موحّد على مستوى البلاد أو حتى داخل المجتمع العربي، مشيرًا إلى أن الأوضاع الاقتصادية أثرت أيضًا على نمط الاحتفال وعدد المدعوين والهدايا.
محاولة للحفاظ على التوازن
وشدد إبداح على أن الأعراس في المجتمع العربي أصبحت "مشروعًا كبيرًا" يمتد لعدة أيام ويتطلب تحضيرات مكثفة وتكاليف باهظة. ومع ذلك، تسعى القاعات، بحسب قوله، إلى الحفاظ على روح الفرح وتقديم أفضل ما يمكن للعرسان وأهاليهم ضمن الإمكانيات المتاحة.
وختم بالقول: "نحن نعيش في دولة شهدت ارتفاعًا في الأسعار بكل المجالات، من السوق إلى البيت، ونحن جزء من هذا الواقع، لكننا نحاول أن نساعد ونحافظ على التوازن".
ويُذكر أن ارتفاع الأسعار لم يقتصر على قطاع القاعات فقط، بل شمل معظم القطاعات الخدمية والغذائية في البلاد، وسط تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، ومطالبات واسعة بالتخفيف عن كاهل العائلات، خاصة في المناسبات الاجتماعية.
ناردين أرملي: الأفراح تتحوّل إلى عبء مالي
استوديو الخميس مع فراس خطيب
04:23
الأفراح تتحوّل إلى عبء مالي
من جهتها، سلطت المستشارة الاقتصادية والإعلامية نردين أرملي الضوء على ظاهرة الارتفاع الحاد في تكاليف الأعراس، التي باتت تثقل كاهل العائلات، وتحول "ليلة الفرح" إلى عبء مالي قد يستمر لسنوات.
وأشارت أرملي، في مقابلة عبر "راديو الناس"، إلى أن الأسعار في قاعات المناسبات ارتفعت بشكل ملحوظ، قائلة: "الأسباب منطقية وواقعية، لكن الأسعار ارتفعت فعليًا. الناس يخبرونني بذلك: الأعراس لم تعد كما كانت، هناك حاجة إلى تقديم نقوط بقيمة 400 إلى 500 شيكل، وإذا كنت من أقارب العائلة، قد يصل إلى 1000 شيكل!".
وأضافت: "نحن نتحدث عن نسبة كبيرة من الدخل الشهري. فعندما يكون المدعو كبيرًا في السن ويعتمد على مخصصات الشيخوخة، ويشارك في ثلاثة أعراس خلال شهر واحد، فإن دخله يذهب بالكامل، ولا يتبقى له شيء لتغطية حاجاته الأساسية من دواء أو طعام".
وفي ما يتعلق بالامتداد الزمني والمادي للأعراس، قالت: "نحن نتحدث عن عشرات آلاف الشواقل. هناك أشخاص يظلون مثقلين بالديون لسنوات طويلة بسبب عرس واحد. صحيح أن العرس مشروع حياة يُقام مرة واحدة، لكنه لا يجب أن يتحول إلى سباق استعراضي".
اقتراحات لتخفيف العبء
وقدّمت أرملي مجموعة اقتراحات للتعامل مع هذا الواقع المالي الضاغط، منها:
الادخار المسبق خلال العام لموسم الأعراس.
تقليص عدد المدعوين من أفراد العائلة.
المشاركة في الفعاليات البسيطة فقط، كالزيارات المنزلية والمناسبات العائلية.
احترام الوضع الاقتصادي الشخصي، وتحديد قيمة "النقوط" بناءً على القدرة الحقيقية، لا التوقعات الاجتماعية.
كما نبّهت إلى خطورة اعتماد العائلات على "نقوط الضيوف" لتغطية تكاليف الزفاف، قائلة: "عندما نعتمد على النقوط، ونحن نعلم الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر به الناس، نكون أمام مشكلة كبيرة جدًا".
دعوة للوعي الذاتي
وختمت بالقول: "أفراحنا تحوّلت إلى عبء... علينا أن نختار شكل فرحنا بما يتناسب مع إمكانياتنا، لا على حساب صحتنا النفسية أو أوضاعنا المالية".
First published: 08:45, 18.07.25