العمال الفلسطينيين ينتظرون بوابات الرزق | إسرائيل تدرس عودة العمال بشروط أمنية

وهبة بدارنة لـ«راديو الناس»: لا مؤشرات على عودة العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل – والقيود الأمنية تصل إلى حد "الأساور الإلكترونية"

1 عرض المعرض
توضيحية
توضيحية
توضيحية
(.)
مع انتهاء الحرب على غزة، تتجدد الأسئلة حول إمكانية استئناف دخول العمال الفلسطينيين إلى سوق العمل الإسرائيلي بعد توقف استصدار التصاريح لأكثر من عامين، ما ترك عشرات آلاف العائلات الفلسطينية دون مصدر رزق ثابت، وأحدث نقصًا حادًا في اليد العاملة الإسرائيلية في قطاعات البناء والترميم والزراعة.
وهبة بدارنة:القيود الأمنية تصل إلى حد "الأساور الإلكترونية"
غرفة الأخبار مع عفاف شيني
08:55
وفي مقابلة مع راديو الناس، أوضح وهبة بدارنة، رئيس نقابة العمال العرب في مدينة الناصرة، أن لا مؤشرات فعلية حتى اللحظة على نية إسرائيل إعادة إصدار التصاريح، مشيرًا إلى أن "كل ما يُتداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي في الضفة الغربية حول عودة العمال لا يستند إلى أي قرار رسمي".
بدارنة: الملف بيد الكابينيت والأجهزة الأمنية قال بدارنة إن مسألة عودة العمال الفلسطينيين "محصورة بالدرجة الأولى في أيدي الجهات الأمنية والسياسية الإسرائيلية، وبالتحديد الكابينيت"، موضحًا أن اتحاد المقاولين وأرباب العمل في إسرائيل مارسوا ضغوطًا على الحكومة لاستئناف العمل بالتصاريح بسبب النقص الكبير في الأيدي العاملة. وأضاف:"المعطيات تشير إلى أن قطاع الترميمات في إسرائيل وحده بحاجة إلى نحو 20 ألف عامل، بينما لم ينجحوا حتى الآن سوى في استقدام 750 عاملًا أجنبيًا، وهؤلاء لم يتمكنوا من أداء العمل بمستوى العمال الفلسطينيين." وأظهر استطلاع داخلي لاتحاد أرباب العمل أن 52% من المشغّلين الإسرائيليين يرغبون في تشغيل العمال الفلسطينيين مجددًا، لكن بشروط أمنية صارمة تحددها أجهزة الأمن والجيش والشاباك.
اقتراح "الإسوارة الإلكترونية" يثير الغضب كشف بدارنة أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تدرس برنامجًا تجريبيًا (Pilot) لعودة تدريجية للعمال الفلسطينيين، يبدأ بإدخال عشرة آلاف عامل تحت رقابة مشددة، بحيث يُفرض على كل عامل ارتداء "إسوارة إلكترونية" لتتبع تحركاته داخل إسرائيل. وأوضح أن الخطة تتضمن أيضًا إجراءات بيومترية على الحواجز، تشمل بصمة اليد أو الإصبع، للتحقق من "السلامة الأمنية" لكل عامل قبل دخوله، مضيفًا بانتقاد واضح:"هذا يشبه نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، حيث يتم تتبّع العامل وكأنه متهم تحت المراقبة المستمرة... أي عمل يكون محاطًا بالجنود والشرطة والكلاب ليس عملًا بل نظام قمعي."
العمال الفلسطينيون بين الفقر والحرمان من الحقوق وأشار رئيس نقابة العمال العرب إلى أن استمرار المنع تسبب بـ"أوضاع إنسانية مأساوية في الضفة الغربية"، حيث يعيش آلاف العمال في حالة بطالة قسرية وتجويع اقتصادي. وفي المقابل، يعاني الاقتصاد الإسرائيلي من تباطؤ واضح في قطاع البناء نتيجة غياب العمال الفلسطينيين، بعد فشل استقدام بدائل من الخارج. وأضاف بدارنة أن بعض المشغّلين الإسرائيليين يرفضون دفع مستحقات عمال فلسطينيين عملوا قبل الحرب، بحجة أنهم "يتبعون لسلطة إرهابية"، مؤكدًا أن هذا السلوك "مخالف للقانون الإسرائيلي نفسه، ويكشف عن تمييز متعمد بحق العمال".
ضغوط داخلية واحتمالات محدودة للانفراج يرى بدارنة أن الضغوط الأكبر لعودة العمال تأتي من اتحاد أرباب العمل والمقاولين الإسرائيليين، الذين يحذرون من تداعيات اقتصادية وأمنية لاستمرار المنع، موضحًا:"حتى الأجهزة الأمنية نفسها باتت ترى أن وجود عمال بدون تصاريح داخل إسرائيل أكثر خطرًا من إدخالهم بشكل منظم وتحت إشراف، لأن التهريب عبر الجدار تجاوز 52 ألف عامل حاليًا." ورغم هذه المعطيات، يؤكد بدارنة أنه لا توجد حتى الآن أي اتصالات رسمية بين النقابات العربية والجهات الإسرائيلية المختصة، مشيرًا إلى أن الملف "ما زال عالقًا بين البيروقراطية الأمنية والاعتبارات السياسية".
ملف إنساني مؤجل يُختتم حديث وهبة بدارنة بنداء واضح إلى الحكومة الإسرائيلية والمجتمع الدولي:"العمال الفلسطينيون ليسوا ملفًا أمنيًا، بل قضية إنسانية واقتصادية يجب التعامل معها بجدية. استمرار المنع يعني استمرار الفقر، وزيادة التوتر في الضفة الغربية وإسرائيل على حد سواء." ومع غياب أي قرار رسمي، تبقى آمال عشرات آلاف العمال الفلسطينيين معلقة بين الجدران والسياسات الأمنية، في انتظار ما إذا كانت مرحلة ما بعد الحرب على غزة ستفتح نافذة جديدة للحياة والعمل — أم ستبقي الأبواب مغلقة بوجه من اعتادوا العبور كل صباح بحثًا عن لقمة عيشهم.