أكدت دراسة حديثة أجراها باحثون في مستشفى «مايو كلينك» الأميركي فعالية فحص دم، معتمد من إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، في تشخيص اضطرابات الذاكرة بدقة عالية، ما يمهد الطريق أمام استخدامه في العيادات المتخصصة لتشخيص وعلاج مرض ألزهايمر.
وبحسب ما نشرته دورية «ألزهايمر أند دايمنشيا»، يعاني المصابون بمرض ألزهايمر من فقدان الذاكرة وصعوبة التركيز والتفكير، إلى جانب تغييرات في السلوك والشخصية، وهو ما يسبب معاناة كبيرة للمرضى وعائلاتهم. ومع تزايد توفر العلاجات المبكرة للمرض، تبرز الحاجة إلى أدوات تشخيصية يسهل الوصول إليها، وتكون منخفضة التكاليف.
حتى الآن، تُستخدم تقنيات مثل التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET) أو البزل القطني (سحب عينة من السائل النخاعي) للكشف عن تراكم البروتينات السامة في الدماغ، وهي علامات مميزة للإصابة بألزهايمر. لكن هذه الإجراءات غالباً ما تكون مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً، ما يزيد من الحاجة إلى مؤشرات حيوية بديلة أكثر بساطة وأقل تكلفة.
في هذا السياق، أوضح الدكتور غريغ داي، طبيب الأعصاب في «مايو كلينك» والمشارك في قيادة الدراسة، أن «فحص الدم أثبت دقة في تشخيص ألزهايمر بنسبة حساسية بلغت 95 في المائة، وهي نسبة تعادل المؤشرات الحيوية المستخلصة من السائل النخاعي، مع كونها أكثر ملاءمة وأقل تكلفة». وأوضح داي أن ارتفاع نسبة الحساسية يعني قلة النتائج الخاطئة عند الكشف عن المصابين.
شملت الدراسة أكثر من 500 مريض في عيادة اضطرابات الذاكرة التابعة لـ«مايو كلينك» في ولاية فلوريدا، تراوحت أعمارهم بين 32 و89 عاماً، مع متوسط عمر لظهور الأعراض يبلغ 66 عاماً. ومن بين هؤلاء المرضى، تبيّن أن 56 في المائة من حالات ضعف الذاكرة سببها مرض ألزهايمر.
وخلال الدراسة، قام الباحثون بقياس مستويات بروتينين في بلازما الدم مرتبطين بتراكم لويحات الأميلويد المميزة للمرض. وأظهرت النتائج ارتفاع مستويات بروتين «p-tau 217» لدى المصابين بألزهايمر، كما لوحظ أن هذا الارتفاع مرتبط بضعف وظائف الكلى، وهو ما ينبغي أخذه في الاعتبار عند إجراء الفحص.
وبينت النتائج أن 267 مريضاً من أصل 509 أظهروا مستويات إيجابية من البروتين في البلازما، من بينهم 233 مريضاً من أصل 246 مريضاً يعانون من ضعف إدراكي مرتبط بألزهايمر، بنسبة حساسية بلغت 95 في المائة. يذكر أن دراسات سابقة لفريق مختبرات «مايو كلينك» أظهرت أيضاً دقة هذه الفحوصات مقارنة بفحوص التصوير المقطعي للأميلويد.
واختتم الدكتور داي بالإشارة إلى أن الخطوات القادمة ستركز على دراسة فعالية فحص الدم لدى مجموعات أكثر تنوعاً من المرضى، خصوصاً أولئك الذين يعانون من ألزهايمر في مراحله الأولى قبل ظهور الأعراض الإدراكية. كما سيسعى الباحثون لتقييم العوامل التي قد تؤثر على دقة هذه المؤشرات الحيوية في التجارب السريرية المقبلة.