تتصدر “القدرة على تحمّل تكاليف المعيشة” الخطاب السياسي في الولايات المتحدة، في ظل سباق بين الديمقراطيين والجمهوريين لطرح حلول لمواجهة الغلاء. ومع أن النقاش العام ينحصر غالبًا في الأسعار وارتفاعها، تشير تحليلات اقتصادية إلى أن الأزمة أعمق من ذلك بكثير، وأنّ المشكلة الأساسية تكمن في stagnation الأجور مقارنة بالإنتاجية خلال العقود الـ45 الماضية.
فجوة الإنتاجية والأجور
يوضح التقرير أن أجور العمال كانت ستكون أعلى بنحو 40% اليوم لو أنها حافظت على وتيرة نمو موازية للإنتاجية منذ أواخر السبعينيات. غير أنّ سياسات حكومية طويلة الأمد سمحت بتآكل الحد الأدنى للأجور، وأضعفت حق العمال في التنظيم، وسمحت بفترات طويلة من البطالة المرتفعة التي قلّلت من قدرة العاملين على تحسين شروط عملهم.
كما يشدد التقرير على أن أصحاب العمل استفادوا من هذه السياسات، إذ استحوذ المديرون وأصحاب رؤوس الأموال على حصة أكبر من الدخل الذي يولّده العمال، ما فاقم الشعور بعدم العدالة الاقتصادية لدى شرائح واسعة من الأميركيين.
الأجور كسياسة عامة
يشير التقرير إلى أنّ التركيز على الأسعار فقط يحجب عن الساحة السياسية أدوات مهمة يمكن أن تعالج القدرة على تحمّل تكاليف المعيشة، مثل:
تعزيز حقوق التنظيم النقابي والمفاوضات الجماعية.
رفع الحد الأدنى للأجور.
الحفاظ على معدلات بطالة منخفضة لدعم قوة العمال التفاوضية.
تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي للعائلات عند فقدان العمل أو المرض.
ويؤكد الخبراء أن هذه السياسات ليست اقتصادية فقط، بل شعبية للغاية، خاصةً بين الشباب الذين يُظهرون دعمًا واسعًا للنقابات ورفع الأجور، وهو ما قد يشكل مكسبًا انتخابيًا للأحزاب التي تتبناها.
الأسعار… جزء من الصورة وليس كلّها
لا ينفي التقرير أهمية السياسات التي تُخفّض الأسعار، مثل تعزيز المنافسة ومنع الاحتكار وبناء مساكن بأسعار معقولة، إضافة إلى دعم خدمات أساسية مثل الصحة والنقل. لكنه يحذر من أن وعد السياسيين بخفض الأسعار عمومًا قد يخيّب آمال الناخبين، لأن معظم الأسعار في اقتصاد السوق لن تعود إلى مستويات ما قبل الأزمات العالمية.
ويخلص التقرير إلى أن أزمة القدرة على تحمّل تكاليف المعيشة لن تُحلّ دون إعادة توجيه السياسات لرفع الأجور، لأن “القدرة على تحمّل الحياة ليست فقط في الأسعار، بل في الدخل”.
First published: 20:48, 08.12.25


