فيلم كاد أن يلغى وأصبح تقليدا سنويا: Home Alone يعود للواجهة بعد ببعد 35 عاما

 قبل أن يتحوّل إلى أحد أكثر أفلام الأعياد حضورًا في الذاكرة الجماعية، كاد فيلم Home Alone ألا يرى النور أصلًا. قصّة الفيلم الذي صدر عام 1990

1 عرض المعرض
فيلم Home Alone
فيلم Home Alone
فيلم Home Alone
(وفق البند 27 أ لقانون حقوق النشر 2007)
قبل أن يتحوّل إلى أحد أكثر أفلام الأعياد حضورًا في الذاكرة الجماعية، كاد فيلم Home Alone ألا يرى النور أصلًا. الفيلم، الذي صدر عام 1990 وأطلق الممثّل الطفل ماكولي كولكين إلى النجومية العالمية، جاءت ثمرة سلسلة من الأزمات الإنتاجية وقرارات حاسمة اتُّخذت في اللحظات الأخيرة، وانتهت، على عكس التوقّعات، بعملٍ تحوّل إلى طقسٍ ميلاديّ ثابت.

سيناريو وُلِد من القلق – خلال تسعة أيّام

وتعود فكرة الفيلم إلى السيناريست والمنتج الأمريكي جون هيوز، أحد أبرز صنّاع سينما الثمانينيات، الذي كتب المسودّة الأولى للفيلم خلال تسعة أيام فقط. استلهم هيوز الفكرة من قلقه الشخصي أثناء التحضير لرحلة عائلية إلى أوروبا، حين راوده سؤالٌ بسيط مزعج: ماذا لو نُسي طفلٌ في البيت؟
من هذه الفرضية البسيطة، نشأت حبكة الفيلم، ضمن إطار كوميدي يعتمد على التفاصيل الصغيرة والمبالغة البصرية، وهي عناصر رسمت لاحقًا نبرة الفيلم وهويّته الخاصّة.

ماكولي كولكين – "الاختيار البديهي" بعد 300 تجربة

ولم يكن اختيار ماكولي كولكين لدور "كيفن" تلقائيًّا. فبحسب ما نُقِل عن فريق العمل، أجرى المخرج كريس كولومبوس تجارب أداء لأكثر من 300 طفل، رغم اقتناع هيوز المبكّر بأنّ كولكين هو الخيار الأنسب، بعد أدائه اللافت في فيلم Uncle Buck عام الصادر عام 1989، حين كان في التاسعة من عمره. وبعد سلسلة طويلة من الاختبارات، حُسم القرار خلال لقاء أخير وصفه كولومبوس لاحقًا بـ "اللحظة السحرية" التي أكّدت صحة الاختيار.

مشروع مهدَّد ونجاة في اللحظة الأخيرة

قبيل انطلاق التصوير بأسابيع قليلة، انسحبت شركة Warner Bros من المشروع بسبب خلافات تتعلّق بالميزانية، ما وضع الفيلم أمام احتمال الإلغاء الفعلي؛ غير أنّ انتقال الحقوق بشكلٍ عاجل إلى شركة 20th Century Fox أعاد المشروع إلى مساره، مع قرار المضي قدمًا بالإنتاج وإنقاذه في توقيت حاسم.

البيت الذي تحوّل إلى أيقونة سينمائية

أمّا المنزل، الواقع في بلدة وينيتكا بولاية إلينوي، والذي أصبح لاحقًا أحد أشهر بيوت السينما، فلم يُختَر صدفة. استغرق العثور عليه أسابيع من البحث، نظرًا لما يجمعه من دفء عائلي ومظهر قادر على التحوّل إلى ساحة فوضى، وهو عنصر محوري في أجواء الفيلم. ورغم أنّ الواجهة الخارجية وبعض مساحات المدخل صُوّرت في المنزل الحقيقي، فإنّ معظم المشاهد الداخلية أُعيد بناؤها داخل صالة رياضية في مدرسة قريبة، في حلّ إنتاجي أتاح تنفيذ مشاهد معقّدة بمرونة أكبر.

وعلى مستوى التنفيذ

اعتمد الفيلم على حلول تقنية محدودة مقارنة بما هو متاح اليوم. فمشهد إصابة الرأس برصاصة بندقيّة الهواء، على سبيل المثال، أُنجز عبر إضافة يدوية مرسومة مباشرة على إطارات شريط الفيلم، في زمنٍ لم تكن فيه المؤثّرات الرقمية شائعة كما هي اليوم. أمّا السقوطات والضربات التي تعرّض لها اللصّان في الفيلم، فكانت حقيقية ونُفّذت دون وسائد حماية، ما جعل التصوير تحدّيًا حقيقيًا لطاقم التصوير الذي كان مجبر عمليًَّا على إنجاز اللقطات من المحاولة الأولى
حتى الفيلم الأسود والأبيض "Angels With Filthy Souls"، الذي استخدمه كيفن لخداع اللصوص، لم يكن فيلمًا حقيقيًا، بل مشهدًا صُوّر خصّيصًا للفيلم باستخدام تقنيّات قديمة تحاكي سينما الأربعينيات، في تفصيل إنتاجي بالغ الدقّة ساهم في ترسيخ وهمٍ سينمائي كامل داخل الفيلم.

من مشروع متعثّر إلى ظاهرة مستمرّة

كل هذه العناصر، من سيناريو كُتب على عجل، إلى قرارات إنتاجية مصيرية، وحلول تقنية بسيطة فرضتها الميزانية والوقت، اجتمعت لتُخرج Home Alone إلى العالم. ومع مرور أكثر من ثلاثة عقود على عرضه الأوّل، لا يزال الفيلم يُعاد مشاهدته كل موسم أعياد، لا بوصفه كوميديا عائلية فحسب، بل كنموذج نادر لكيف يمكن لظروف إنتاج مضطربة أن تُنتج عملًا سينمائيًا خالدًا.