أزمة متصاعدة بين إسرائيل والغرب على خلفية الحرب في غزة

نتنياهو يتهم قادة دول غربية بأنهم " على الجانب الخطأ من الإنسانية والجانب الخطأ من التاريخ" وسط قلق من اعتراف بمحتمل بدولة فلسطينية

3 عرض المعرض
الرئيس الفرنسي ماكرون مع رئيس الوزراء نتنياهو
الرئيس الفرنسي ماكرون مع رئيس الوزراء نتنياهو
الرئيس الفرنسي ماكرون مع رئيس الوزراء نتنياهو
(فلاش 90)
استمرارا للتطورات اللافتة التي تعكس تصاعد التوترات بين إسرائيل وبعض حلفائها الغربيين، وجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو انتقادات حادة إلى زعماء كل من فرنسا وبريطانيا وكندا، متهماً إياهم بـ"السعي لمساعدة حركة حماس"، في أعقاب تصريحاتهم التي دعوا فيها إلى اتخاذ "إجراءات ملموسة" إذا لم توقف إسرائيل هجومها العسكري الأخير على قطاع غزة.
تصاعد الانتقادات الإسرائيلية للغرب
3 عرض المعرض
الرئيس الفرنسي ماكرون مع رئيس الوزراء نتنياهو
الرئيس الفرنسي ماكرون مع رئيس الوزراء نتنياهو
الرئيس الفرنسي ماكرون مع رئيس الوزراء نتنياهو
(فلاش 90)
جاءت تصريحات نتنياهو في سياق رد فعل الحكومة الإسرائيلية على تزايد الضغوط الدولية لوقف الحرب في غزة، والتي دخلت مرحلة جديدة من العنف والمعاناة الإنسانية. وعبّر رئيس الوزراء الإسرائيلي عن غضبه مما اعتبره "انحيازاً" من قبل زعماء الدول الغربية، قائلاً: "أنتم على الجانب الخطأ من الإنسانية والجانب الخطأ من التاريخ"، مضيفاً أن مواقفهم تمثل دعماً لـ"مرتكبي جرائم القتل الجماعي والمغتصبين وقتلة الأطفال والخاطفين"، في إشارة إلى هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.
قلق من الاعتراف بالدولة الفلسطينية
يأتي هذا السجال في وقت تتصاعد فيه الدعوات الأوروبية للاعتراف بدولة فلسطينية كحل لإنهاء النزاع التاريخي في المنطقة، وهو ما ترفضه إسرائيل بشدة. وتخشى الحكومة الإسرائيلية من أن يتبع المزيد من الدول الأوروبية، مثل فرنسا، خطوات إسبانيا وأيرلندا في الاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة، وهو ما تعتبره تل أبيب تهديداً وجودياً.
الدبلوماسي الإسرائيلي السابق ياكي ديان علّق على الموقف الدولي قائلاً: "من الصعب إقناع بعض الأطراف، خاصة من اليسار المتطرف في أوروبا والولايات المتحدة، بأن ما تفعله إسرائيل هو دفاع عن النفس"، مؤكداً أن الفجوة بين الموقفين الغربي والإسرائيلي باتت تتسع، ما يجعل الجسر بينهما "مهمة شبه مستحيلة".
الدولة الفلسطينية كتهديد وجودي
3 عرض المعرض
الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى جانب الرئيس الفلسطيني محمود عباس
الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى جانب الرئيس الفلسطيني محمود عباس
الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى جانب الرئيس الفلسطيني محمود عباس
(Photo by STR)
نتنياهو جدد في تصريحاته رفضه القاطع لفكرة قيام دولة فلسطينية، معتبراً أنها "ستشكّل تهديداً مباشراً لأمن إسرائيل". واستدل على ذلك بحادثة مقتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن على يد شخص كان يهتف "فلسطين حرة"، معتبراً أن "نفس هذا الهتاف" تردد خلال الهجوم الذي شنته حماس في أكتوبر الماضي.
وأضاف نتنياهو في بيان نشره عبر منصة "إكس": "إنهم لا يريدون دولة فلسطينية... إنهم يريدون تدمير الدولة اليهودية". وأعرب عن استغرابه من موقف زعماء فرنسا وبريطانيا وكندا قائلاً: "لا أستطيع أن أفهم كيف يمكن أن تغيب هذه الحقيقة البسيطة عن أذهانهم"، متهماً إياهم بأنهم يساهمون عملياً في تقويض أمن إسرائيل.
انتقاد للمطالبات الغربية ورفع الحصار جزئياً
وعن البيان المشترك الذي أصدره الزعماء الثلاثة بداية الأسبوع، قال نتنياهو إنهم طالبوا بوقف العمليات العسكرية الإسرائيلية وبتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. وعلى الرغم من أن البيان لم يتضمن دعوة صريحة لوقف الحرب بالكامل، إلا أن نتنياهو اعتبر ذلك بمثابة "تشجيع لحماس على الاستمرار في القتال".
واتهم نتنياهو الدول الثلاث بإصدار "تهديدات بفرض عقوبات على إسرائيل دون أي إجراءات مماثلة ضد حماس"، مضيفاً أن ذلك "يعني بقاء حماس في السلطة ويمنحها الأمل في إقامة كيان فلسطيني جديد يهدد وجود الدولة اليهودية".
وكانت إسرائيل قد شددت الحصار على غزة منذ مارس الماضي، قبل أن تبدأ في تخفيف بعض القيود هذا الأسبوع بعد ضغوط دولية متزايدة. وقد رحبت حماس بمطالب الزعماء الغربيين، وهو ما وصفه نتنياهو بأنه "تأييد ضمني من قوى دولية لإرهاب حماس".
ردود غربية على انتقادات نتنياهو
في المقابل، رفضت بعض الحكومات الغربية اتهامات نتنياهو. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إن بلاده، التي تعتبر حماس منظمة إرهابية، "تبقى ملتزمة بأمن إسرائيل"، مضيفاً أن اتهام أنصار حل الدولتين بمعاداة السامية أو دعم حماس هو "افتراء لا أساس له من الصحة".
أما وزير القوات المسلحة البريطاني لوك بولارد، فقد أكد أن بلاده "تؤيد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، لكنه شدد على أن "هذا الدفاع يجب أن يتم في إطار القانون الدولي الإنساني"، موضحاً أن بريطانيا تقف ضد الإرهاب، لكنها أيضاً "حريصة على ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة".
أزمة تتعمق وعلاقات تُختبر
تصريحات نتنياهو تمثل تصعيداً غير مسبوق في لهجة الخطاب الإسرائيلي تجاه حلفاء رئيسيين تقليديين، ما يشير إلى عمق الأزمة السياسية والإنسانية التي سببتها الحرب الجارية في غزة. ومع تصاعد الضغوط الدولية والدعوات لإنهاء العنف، تبقى العلاقات بين إسرائيل وهذه الدول الغربية في اختبار صعب، بينما يستمر الوضع الإنساني في قطاع غزة في التدهور، وسط خلافات عميقة حول الطريق الأمثل نحو السلام.