حذّر الخبير الاقتصادي ومستشار الضرائب ساهر بركة من ظاهرة "نفخ الأسعار" التي يلجأ إليها بعض التجار قبيل موسم "البلاك فرايدي"، مؤكدًا أنّ جزءًا من التخفيضات التي تُعرض خلال هذه الفترة "غير حقيقي ويهدف إلى تضليل المستهلك".
وفي حديثه لراديو الناس، أوضح بركة أن التخفيضات الكبرى التي تُعلن في هذه الفترة—والتي تصل إلى 40% و50% وحتى 70%—تجذب المستهلكين نفسيًا قبل أي اعتبارات اقتصادية، قائلاً: "قضية البلاك فرايدي في جوهرها قضية نفسية. الناس ترى نسب تخفيض ضخمة فتتهافت على الشراء، رغم أن جزءًا من هذه التخفيضات وهمي تمامًا."
تخفيضات حقيقية.. وأخرى مصطنعة
الخبير الاقتصادي ساهر بركة: "البلاك فرايدي ظاهرة نفسية وبعض التخفيضات وهمية"
غرفة الأخبار مع عفاف شيني
07:48
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن التخفيضات الحقيقية تُسجل في العادة لدى العلامات التجارية الكبرى التي تسعى للتخلّص من المخزون في نهاية العام، موضحًا: "المتاجر الكبيرة بالفعل تقوم بتصفية بضائعها نهاية السنة لإدخال مخزون جديد، وهذه تخفيضات حقيقية."
لكنّه شدد على أن المشكلة تكمن في رفع الأسعار قبل فترة قصيرة من موسم التنزيلات لتحقيق أرباح مضاعفة، وأضاف: "هناك تجار يرفعون سعر المنتج قبل أسبوعين أو شهر من البلاك فرايدي. منتج ثمنه 200 شيكل يصبح 300، ثم يعلنون تخفيضات تعيد السعر إلى ما كان عليه سابقًا. هذا تضليل واضح."
كما حذّر بركة من أن بعض المنتجات التي تُباع خلال هذه الفترة تكون بجودة أقل، قائلاً: "ليس كل ما يلمع ذهبًا. قد تكون التخفيضات على منتجات من جودة متدنية أصلًا، والمستهلك يظن أنه يحقق صفقة رابحة."
غياب الرقابة واستغلال السوق
وبشأن الرقابة الحكومية على الأسعار، قال بركة إن معظم المنتجات لا تخضع لأي نظام رقابي فعلي، رغم محاولات وزارة الاقتصاد: "وزارة الاقتصاد حاولت فرض رقابة، لكنها لم تنجح. التجار الكبار والمحتكرون يأخذون راحتهم بالكامل في السوق، وهذا ينعكس على المستهلك في هذه المواسم بالذات."
وحول أثر "البلاك فرايدي" على الاقتصاد الإسرائيلي، أكد بركة أن للموسم جانبين: الأول إيجابي بحيث يقوم على تنشيط حركة السوق وزيادة المبيعات والتخلّص من المخزون القديم وإدخال منتجات جديدة واستقطاب زبائن جدد للمتاجر، كما ويؤدي إلى ارتفاع كبير في مدفوعات بطاقات الائتمان.
وكشف أن مبيعات البلاك فرايدي لعام 2024 بلغت 1.2 مليار شيكل، مع توقعات بأن يوازي هذا العام الرقم أو يتجاوزه.
أما السلبيات فهي إنفاق زائد من المستهلكين دون حاجة فعلية، ارتفاع الديون نتيجة الشراء عبر بطاقات الائتمان وتقسيط الدفعات، ضرب مصالح التجار الصغار لصالح شبكات التسويق الكبرى، شراء مكثّف من خارج البلاد عبر المواقع الصينية، ما يضر بالسوق المحلي
وقال بركة: "المستهلك قد يجد نفسه يشتري منتجات لا يحتاج إليها إطلاقًا. وفي النهاية، الديون المتراكمة هي التي تصدمه."
توصيات للمستهلكين: "لا تخرج دون قائمة"
وفي ختام المقابلة، قدّم بركة سلسلة نصائح مهمة للمواطنين خلال فترة التخفيضات، أبرزها: إعداد قائمة مسبقة بالاحتياجات الحقيقية وعدم شراء ما هو خارجها، تحديد ميزانية صارمة وعدم تجاوزها، فحص السعر الأصلي للمنتج قبل الشراء للتأكد من حقيقة التخفيض، مقارنة الأسعار بين عدة متاجر، التركيز على الجودة لا على كمية التخفيض، التحقق من سياسة الإرجاع والاستبدال قبل الدفع
وختم قائلاً: "الإغراءات كبيرة، لكن المسؤولية أكبر. على المستهلك أن يكون واعيًا، وأن لا يسمح للتخفيضات بأن تتحكم بقراراته."


