رسالة سلام من الأراضي المقدسة | النصراوي بطرس منصور في قيادة الإنجيليين عالميًا

أما الاتّحاد الإنجيلي العالمي (World Evangelical Alliance) فيقدّم نفسه كمنصّة تمثّل الإنجيليين على المستويين المحلّي والدولي، ويركّز على تعزيز القيم الإنجيلية والدفاع عن حرّية المعتقد، إلى جانب فتح آفاق للتواصل مع الكنائس الأخرى وأتباع الديانات المختلفة. 

1 عرض المعرض
بطرس منصور
بطرس منصور
بطرس منصور
(وفق البند 27 أ لقانون حقوق النشر 2007)
من الناصرة، مدينة المسيح المقدّسة، يخرج صوتٌ عربيّ ليتولّى قيادة الاتّحاد الإنجيلي العالمي، في خطوة تُعدّ الأولى من نوعها لعربي يتبوّأ هذا المنصب الدولي. الاتّحاد، الذي تأسّس قبل نحو 170 عامًا، يُعدّ المظلّة الأكبر للكنائس الإنجيلية في العالم، إذ يضمّ أكثر من 147 اتّحادًا محلّيًا ويمثّل ما يقارب 600 مليون مسيحي إنجيلي حول العالم.
مَن هم الإنجيليون؟ الإنجيلية تيّارٌ مسيحي يقوم على إيمان خاصّ بأهمّية العلاقة الشخصية مع المسيح، وبأنّ الخلاص يتحقّق بالإيمان وحده بعيدًا عن الأعمال أو الطقوس الدينية؛ واضعًا الكتاب المقدّس في موقع السلطة العليا باعتباره المرجع الأوّل والأخير في شؤون الحياة والإيمان. ويتميّز الإنجيليون بارتباط إيمانهم بالممارسة العمليّة، إذ يرون أنّ رسالتهم تقوم على إعلان "البشارة السارّة" وخدمة المجتمع عبر المدارس والمستشفيات ودور الرعاية كتعبير عملي ملموس عن العقيدة. كما أنّ الإنجيلية جزءٌ رئيسي من الكنائس البروتستانتية، التي تشمل تحت مظلتها كنائس عديدة مثل المعمدانيّين وكنيسة الناصري وجماعات الله والاتّحاد المسيحي وغيرها. طبيعة هذه الكنائس أنّها لا تنتهج نظامًا هرميًّا صارمًا مثل باقي الكنائس، وهي مستقلّة في كلّ بلد وتجتمع طوعًا في مجمع للتعاوُن وتوصيل البشارة. أما الاتّحاد الإنجيلي العالمي (World Evangelical Alliance) فيقدّم نفسه كمنصّة تمثّل الإنجيليين على المستويين المحلّي والدولي، ويركّز على تعزيز القيم الإنجيلية والدفاع عن حرّية المعتقد، إلى جانب فتح آفاق للتواصل مع الكنائس الأخرى وأتباع الديانات المختلفة.
مسيرة بطرس منصور المحامي بطرس منصور ليس وجهًا جديدًا على الساحة: فهو خرّيج كلّية الحقوق في الجامعة العبرية بالقدس، وحاصل على ماجستير في إدارة الأعمال من جامعة حيفا. يشغل منذ سنوات منصب المدير التنفيذي للمدرسة المعمدانية في الناصرة، إلى جانب نشاطه في الأطر الكنسية الإنجيلية ومتابعته للقضايا المتعلّقة بالمجتمع المسيحي المحلّي.
في حديثه لراديو الناس، قال منصور: "فتح الله أمامي أبواب الخدمة في هيئات إنجيلية متعدّدة مثل الأمانة العامة للمدارس المسيحية، وقرية الناصرة التي كنت أحد مؤسّسيها، ومجمع الكنائس الإنجيلية، إلى جانب عضويتي في جمعية دولية للمحامين المسيحيين. كل هذه المحطات شكّلت رؤيتي ومنحتني خبرة واسعة في العمل المؤسّسي والديني، وانفتاحًا على ثقافات مختلفة." وعن أبرز المحطّات التي ساهمت في تشكيل مسيرته الروحية، يضيف: "نشأتُ في بيت أولى أهمّية كبرى للتعليم والإيمان. والدي، بصفته صحفيًّا، كان مُنفتحًا على الحوار مع الجميع بلا استثناء. عشتُ طفولتي متنقّلًا بين الناصرة والقدس وأوكسفورد، وترك ذلك أثرًا عميقًا في تكويني الشخصي. المدرسة المعمدانية في الناصرة أسهمت في ترسيخ التزامي بحياة الإيمان المسيحي، ولاحقًا عزّز عملي وخدمتي في الكنيسة المعمدانية هذا البعد."
حضور وطني ورسالة عالمية إلى جانب عمله الإداري والتربوي، نشر منصور كتبًا ومقالات بالعربية والعبرية والإنجليزية تناولت قضايا الهوية والانتماء والتحدّيات التي يواجهها المسيحيّون العرب داخل إسرائيل، كما شارك في نقاشات أوسع تتعلّق بعلاقة الدولة بمواطنيها العرب. وحول قدرة الاتّحاد الإنجيلي العالمي على إحداث أثر ملموس محلّيًا، يقول منصور: "أعتقد أنّ لديه القدرة على التأثير الفعلي، فهو يمثّل ما يقارب 600 مليون إنجيلي حول العالم، وهذه قوّة معنوية هائلة. الأمر يتطلّب جهدًا ومطالبة واضحة بالحقوق. مجرّد رفع الصوت باسم هذه الملايين له وزن خاص، خصوصًا في قضايا مثل دعم المدارس المسيحية أو الدفاع عن الحريات الدينية. من موقعي اليوم لم أعد أمثّل نفسي فقط، بل أصبحت صوتًا لمجتمع واسع، وهذا يتيح لنا إمكانية التأثير إذا توحّدت الجهود. وكما يقول الكتاب المقدّس: "اطلبوا تجدوا، اقرعوا يُفتح لكم"." أما عن خصوصيّة الرسالة الإنجيلية في فلسطين وإسرائيل، فيوضح: "نحن نعيش في الأراضي المقدسة، موضع أنظار العالم بأسره. نقرأ في الكتاب المقدّس عن أماكن هي حياتنا اليوميّة: الناصرة، القدس، بيت لحم، بحيرة طبريا، الكرمل وغيرها. هذه الرمزية تحمل وجهين: فهي من جهة تعزّز إيماننا وتقرّبه من واقعنا، لكنّها من جهة أخرى قد تُستَخدَم لتقديس الأرض على حساب الإنسان نفسه، وتُوظّف لتبرير مواقف سياسية تضرّ بشعوب أخرى. من هنا، تبرز أهمّية أن تبقى رسالة الإنجيل رسالة سلام ومحبّة وتسامح في منطقة مثقلة بالصراعات والانقسامات، رغم أنّ البعض أساء استخدامها لأهداف أخرى."
رسالة إلى القارئ العربي ويختم منصور حديثه قائلًا: "رسالتنا هي رسالة بشرى سارّة: "الله أحبّ العالم حتى بذل ابنه الوحيد". ما يهمّني أن يعرفه القارئ العربي هو أنّ كنائسنا المحلّية تهتمّ بشعوبها وتسعى لخير مجتمعاتها، وتريد أن تكون بركة ونورًا في محيطها بعيدًا عن التعصّب والانغلاق. وجودي كفلسطيني عربي في موقع دولي كهذا قد يساعد على تصحيح بعض الصور النمطية السلبية عن الإنجيليين في العالم، ويعزّز في الوقت نفسه الانفتاح تجاههم داخل مجتمعنا."