تشهد المدارس الابتدائية في إسرائيل ظاهرة جديدة بين الطلاب، تتمثل باستخدام أداة تُعرف باسم "عداد الأصبع" (Finger Counter). جهاز صغير يُعلَّق على الإصبع، يحتوي على زرّ واحد فقط: كلّ ضغطة تُسجَّل. هذا كلّ ما في الأمر.
ورغم تصميمها البسيط، باتت هذه الأداة واحدة من أكثر الألعاب رواجًا في الأسابيع الأخيرة، وسط تفاعل واسع ومنافسات بين الطلاب، الذين صاروا يتنافسون في ما بينهم على من يحقّق الرقم الأعلى من الضغطات.
بحسب تقرير نشره موقع Ynet، يُستخدم هذا الجهاز في الأصل لأغراض تأملية أو طقسية في بعض الثقافات، لكنه تحوّل إلى وسيلة ترفيهية تنافسية بين الأطفال، حيث يسعى كل منهم لتسجيل أعلى عدد من الضغطات خلال اليوم. فبالإضافة الى كون الجهاز متوفّر في الأسواق بألوان متنوّعة ويُباع بأسعار زهيدة، ما ساعد على انتشاره السريع بين الأطفال، فإنّ طبيعة اللعبة السريعة والمباشرة تلبّي رغبة الأطفال بالتفاعل السريع والإنجاز الفوري، حتى وإن كان بلا مضمون فعلي.
الأهل منقسمون، كالمعتاد
كما في كل ترند جديد، تفاوتت مواقف أولياء الأمور تجاه الظاهرة؛ ففي حين يرى فيها بعضُهم تسلية بريئة وآمنة نسبيًا، رأى آخرون انّها هوس بلا معنى قد يشتّت انتباه الأطفال عن الدراسة أو اللعب الحقيقي.
بالنسبة للبعض، يُعدّ "عداد الأصبع" بديلًا مفضّلًا مقارنة بالشاشات والهواتف الذكية، إذ لا يحتوي على محتوى رقمي أو تطبيقات قد تُسبب الإدمان. في المقابل، يعتبره آخرون مجرد وسيلة لتمضية الوقت دون أي فائدة تربوية أو تطويرية تُذكر، ويخشون من تحوّله إلى عادة متكررة تُرافق الطفل حتى في أوقات الطعام أو النوم، كما حصل في ترندات سابقة.
ترند عابر، أم مرآة لواقع الطفولة؟
قد تبدو القصة مجرد موجة مؤقتة أخرى – لعبة ستنضمّ إلى عشرات الترندات التي مرّت سريعًا واختفت؛ إلّا ان الظاهرة دون شكّ تُسلّط الضوء على حاجة الأطفال المتزايدة إلى التحفيز الفوري، والشعور بالإنجاز ولو بشكل رمزي. ورغم أن "عداد الأصبع" لا يحمل طابعًا تربويًا أو تكنولوجيًا متقدّمًا، إلا أنه يُعدّ نموذجًا واضحًا لكيفية تشكّل الترندات الطفولية من أدوات بسيطة، وأحيانًا بلا هدف واضح سوى الرغبة في اللعب والمنافسة.
حتى الآن، لم تصدر توصيات رسمية من جهات تربوية بشأن هذا الترند، إلا أن مختصّين يشيرون إلى أهمية التعامل مع مثل هذه الظواهر بوعي تربوي يضمن عدم تحوّلها إلى سلوكيات قهرية أو هوس يومي.
في النهاية، يبدو أن "عداد الأصبع" ليس إلا محطة جديدة في قطار الترندات التي تمرّ على الطفولة المعاصرة – قد لا تحمل فائدة، لكنها تعكس شيئًا من سمات هذا الجيل: سرعة الملل.
وأنت، كم ضغطة وصلت اليوم؟