قال مسؤولون أمريكيون إن البيت الأبيض وجّه خلال اليومين الماضيين رسائل شديدة اللهجة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أكد فيها أن اغتيال القيادي البارز في حركة حماس، رائد سعد، في قطاع غزة نهاية الأسبوع الماضي، تُعد خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه بوساطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مسؤولين أمريكيين، اليوم (الاثنين)، أن هذه الرسائل جاءت في ظل تصاعد التوتر بين إدارة ترامب وحكومة نتنياهو، قبل نحو أسبوعين من اللقاء المرتقب بين الطرفين، على خلفية السياسة الإسرائيلية في غزة والخلافات حول تنفيذ الاتفاق والانتقال إلى مراحله التالية.
وبحسب المصادر الأمريكية، فإن إدارة ترامب عبّرت عن غضبها الشديد من العملية، ولا سيما أن إسرائيل لم تُبلغ واشنطن مسبقاً بالضربة، ولم تجرِ أي تشاور مع البيت الأبيض بشأنها. ونقل أحد المسؤولين الأمريكيين رسالة مباشرة وُجهت إلى نتنياهو، مفادها أن بإمكانه الإضرار بسمعته إذا أراد، لكنه لن يُسمح له بالإضرار بسمعة الرئيس ترامب بعد نجاحه في التوصل إلى الاتفاق.
4 عرض المعرض


محاولة اغتيال رائد سعد - الشخصية الثانية في حركة حماس بغزة
(وفق البند 27 أ من قانون الحقوق الأدبية (2007))
في المقابل، أكد مسؤول إسرائيلي أن البيت الأبيض أبدى عدم رضاه عن العملية، لكنه قال إن الرسالة الأمريكية ركزت على أن بعض الدول العربية ترى في اغتيال سعد خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار. وأضاف أن إسرائيل أبلغت الإدارة الأمريكية بأن حماس هي من انتهكت الاتفاق عبر استهداف جنود واستئناف تهريب السلاح، معتبراً أن تصفية سعد جاءت، بحسب وصفه، رداً على تلك الانتهاكات وتهدف إلى ضمان استمرار وقف إطلاق النار.
وتشير المصادر الأمريكية إلى أن هذه الأزمة تمثل حلقة جديدة في سلسلة خلافات متراكمة بين البيت الأبيض وحكومة نتنياهو خلال الأسابيع الأخيرة، تمتد إلى ملفات أخرى في المنطقة. ففي سوريا، ترى إدارة ترامب أن التحركات الإسرائيلية تساهم في زعزعة الاستقرار وتعرقل الجهود الأمريكية لدعم حكومة أحمد الشرع والتوصل إلى تفاهمات أمنية جديدة بين دمشق وتل أبيب. وفي الضفة الغربية، يتزايد القلق الأمريكي من عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين ومن سياسات إسرائيلية تقول واشنطن إنها قد تؤدي إلى انهيار السلطة الفلسطينية وتصعيد واسع في الضفة الغربية.
كما ترى الإدارة الأمريكية أن السياسات الإسرائيلية الحالية تضر بمساعيها لتوسيع اتفاقات أبراهام، خصوصاً في ما يتعلق بالعلاقة مع السعودية، مؤكدة أنها لا تطالب نتنياهو بتقديم تنازلات تمس أمن إسرائيل، وإنما تحثه على تجنب خطوات تُعد استفزازية في نظر العالم العربي.
وفي ما يخص غزة، قال مسؤولون أمريكيون إن نتنياهو يتصرف، برأيهم، بقصر نظر في قضايا أساسية تتعلق بتنفيذ الاتفاق، وخاصة في ما يتعلق بالانتقال إلى المرحلة الثانية التي تشمل انسحاباً إسرائيلياً إضافياً. وكشفوا أن الرئيس ترامب أبلغ نتنياهو في اتصال هاتفي جرى مؤخراً، بضرورة أن يكون “شريكاً أفضل” في ما يتعلق بملف غزة، في إشارة إلى ما تعتبره واشنطن نقصاً في المرونة الإسرائيلية حيال عدد من القضايا المرتبطة بتطبيق الاتفاق. وأفاد مسؤول أمريكي بأن المبعوث ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر يشعران بغضب واضح إزاء الموقف الإسرائيلي، خاصة في ما يتعلق بآليات تنفيذ الاتفاق ومستقبله.
وقالت مصادر أمريكية إن البيت الأبيض ركّز في الأسابيع الأخيرة على تثبيت وقف إطلاق النار، وتهدئة التوترات الإقليمية، والانتقال من مرحلة الحرب في غزة إلى مسار إعادة ترميم العلاقات بين إسرائيل والعالم العربي، بما يشمل توسيع اتفاقات أبراهام. غير أن هذه الجهود، بحسب المصادر ذاتها، تصطدم بحالة من انعدام الثقة تجاه نتنياهو في المنطقة، وبمعارضة واضحة من عدة دول عربية للتعاون معه.
وفي هذا السياق، كشف مسؤولون أمريكيون أن مساعي واشنطن لترتيب لقاء بين نتنياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قوبلت حتى الآن برفض مصري حازم. وقال أحد المسؤولين إن نتنياهو أصبح خلال العامين الأخيرين معزولاً على الساحة الدولية، متسائلاً عن أسباب رفض السيسي لقاءه، ولماذا لم يُدعَ، بعد خمس سنوات على توقيع اتفاقات أبراهام، لزيارة دولة الإمارات.
وأضاف المسؤول الأمريكي أن إدارة ترامب تبذل جهوداً كبيرة لمحاولة تغيير هذه الصورة، لكنها لن تواصل الاستثمار في هذا المسار إذا لم يُبدِ نتنياهو استعداداً لاتخاذ خطوات من شأنها خفض مستوى التوتر في المنطقة. وختم بالقول إن البيت الأبيض والسفارة الإسرائيلية في واشنطن امتنعا عن التعليق على ما ورد في التقرير.
First published: 17:21, 15.12.25




