صفقة ترامب وحماس كشفت إخفاقات نتنياهو

في خطوة غير مسبوقة أعلنت حماس عن صفقة مع إدراة ترامب وسط تهميش تام لنتنياهو الذي أخفقت كل رهاناته | تحليل د. فراس خطيب

1 عرض المعرض
لقاء ترامب نتنياهو
لقاء ترامب نتنياهو
(تصوير خاص)
كان يمكن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يكون في مكان آخر تمامًا اليوم، وأن يسجَّل في صفحات التاريخ كزعيم أحدث اختراقًا. فإذا كان معلّمه مناحيم بيغن قد دخل التاريخ من بوابة كامب ديفيد، فقد كان بوسع نتنياهو أن يدخلها من بوابة تطبيع العلاقات مع السعودية. لكنه، بدلاً من ذلك، اختار أن يراهن على “شبيبة التلال” ليؤمّن لنفسه هامش بقاء في رئاسة الوزراء. الرجل الذي طالما تَفنَّن في ترويض خصومه والتحكّم بحلفائه، يقف اليوم وحيدًا وسط عواصف لا تنتهي، تبدأ من أزمة الحريديم ولا تنتهي عند حدود غزة.
قد ينجح في البقاء في منصبه لبعض الوقت، لكن من المشكوك فيه أن يُطلق اسمه على شارع أو ميدان كما حدث مع إسحاق رابين، شمعون بيرس، أو دافيد بن غوريون. نتنياهو الذي طالما تفاخر بأنه “في مستوى آخر” من القيادة، ينحدر اليوم نحو قاع سياسي لم يعرفه من قبل.
في واقع سياسي سويّ، كان على نتنياهو أن يستقيل في السابع من أكتوبر. لكنه لم يفعل، مستفيدًا من معارضة عاجزة. عرقل كل مساعٍ لوقف إطلاق النار، أقال رئيس هيئة الأركان، وتنصل من أي مسؤولية. ورغم عزلته الداخلية والخارجية، لا يزال يعوّل على دعم البيت الأبيض، بل ويصرّ على أن “تدمير حماس” هو الهدف الأعلى، متجاهلًا معاناة الرهائن ومشاهد الجوع والموت في غزة، ويفتقد إلى أي استراتيجية واضحة.
لطالما قال مقرّبوه إن “ترامب ليس بايدن”، وانتظروا عودته لتخليصهم من إدارة بايدن. لكن حتى ترامب، على ما يبدو، فقد صبره على نتنياهو، بعدما أدرك أنه يُستغل ويُجرّ إلى مواجهات داخلية لا طائل منها. تخلى عنه في ملف الاتفاق مع إيران، وفي مفاوضات الحوثيين، وفي صفقة التهدئة مع حماس. وربما هناك من يترحم اليوم على أيام بايدن.
لنتخيل للحظة سيناريو تقول فيه إدارة بايدن إنها تفاوض حماس. تخيّلوا فقط حجم الهجوم الذي كان سيتعرّض له البيت الأبيض.
إنّه “صمت الخِرفان” اليوم، لا أحد يرفع صوته.
ما يحدث الآن لن يُعيد نتنياهو بالضرورة إلى رشده السياسي والدبلوماسي. لكنه حتمًا أسقط كثيرًا من الأوراق من يد حكومته. من كان يظن أن تذكرة المرور إلى واشنطن تمر حصرًا من مكتب نتنياهو، كما كان الحال عام 2016، يجد نفسه اليوم أمام مشهد مختلف تمامًا. في هذا المشهد، فإن ولي العهد محمد بن سلمان أهم لواشنطن من نتنياهو، والطائرة التي سيهديها القطريون لترامب أجمل من البيفر الذهبي الذي أهداه نتنياهو لترامب.
والأهم هو أن أعداء إسرائيل—من إيران إلى حماس—يفاوضون الأميركيين بشكل مباشر.
في سرّه، قد يتمتم نتنياهو: “ليت بايدن يعود يومًا”. لكن حتى لو عادت العلاقة بينه وبين ترامب إلى ما كانت عليه، فإن إخفاقات هذه المرحلة لن تتحوّل إلى أمجاد. “بيبي الذي لا يُقهَر” قد يكتفي بمواصلة الحرب كي يحفظ الحكومة الأكثر فشلا في تاريخ إسرائيل.