أكد عضو مجلس الإدارة في الغرفة التجارية في جنين، ثائر الأنيس، أن الحركة التجارية في المدينة تشهد تحسنًا طفيفًا منذ وقف الحرب، لكنه وصف الانتعاش بأنه “محدود جدًا”، مشيرًا إلى أن القطاع التجاري لا يزال يعاني آثارًا عميقة من شهور الإغلاق والانقطاع الاقتصادي.
وقال الأنيس في حديثه لراديو الناس: "الحمد لله هناك حركة بسيطة، ولكنها لا ترقى إلى المستوى المطلوب. بالأمس دخل إلى جنين نحو 1500 سيارة فقط من أهلنا في الداخل، بينما كنا نستقبل في أيام السبت قبل الحرب ما بين سبع إلى ثماني آلاف سيارة."
غرفة الأخبار مع محمد أبو العز محاميد
06:20
وأضاف أن إعادة فتح معبر الجلمة ساهمت جزئياً في تحريك العجلة الاقتصادية، قائلاً: "نحمد الله أن المعبر فُتح ودخل إخوتنا من مناطق الـ48، وتسوقوا في جنين واستمتعوا بجمال المدينة وأسواقها، لكن ما زلنا بعيدين جدًا عن الحالة الطبيعية التي كانت قبل الحرب."
“جنين بحاجة إلى عودة الحياة”
وأعرب الأنيس عن أمله في أن تعود الحركة التجارية إلى سابق عهدها، داعيًا الإعلام المحلي والعربي داخل الخط الأخضر إلى دعم جنين اقتصاديًا وسياحيًا. وأضاف في هذا السياق: "ندعو وسائل الإعلام في الداخل الفلسطيني إلى تشجيع الناس على زيارة جنين أكثر من مرة في الأسبوع، لأن يومًا واحدًا لا يكفي لتنشيط السوق. معبر الجلمة هو الشريان الرئيسي للاقتصاد في المدينة، وإغلاقه أو تقليص الحركة فيه يضرب كل القطاعات."
وعن حجم الضرر الذي لحق بالاقتصاد المحلي في جنين خلال فترة الحرب، أوضح الأنيس أن كل القطاعات الاقتصادية تضررت بلا استثناء، قائلا "لا يمكن تمييز قطاع عن آخر، فالخسارة كانت عامة. لم تصرف رواتب الموظفين، ولم يتمكن العمال من دخول أراضي الـ48، كما توقفت زيارات أهلنا من الداخل، فعملنا لأشهر طويلة في دائرة مغلقة أشبه بالعزلة التامة."
وأشار إلى أن حالة الركود لم تقتصر على التجارة فقط، بل امتدت إلى الخدمات والمطاعم والمواصلات والأسواق الشعبية.
دعوات لفتح المعابر وتسهيل الحركة
وأكد الأنيس أن الغرف التجارية الفلسطينية تواصل مطالباتها عبر الارتباط الفلسطيني لإعادة فتح معبر الجلمة بشكل كامل، موضحًا أن الجانب الإسرائيلي يربط الأمر بقرار سياسي. وقال في هذا السياق: "نحن على تواصل دائم مع الارتباط الفلسطيني، لكن الجانب الإسرائيلي يقول إن فتح المعبر قرار سياسي وليس بيده، ما يجعلنا فعليًا بلا حول ولا قوة."
وفي سياق آخر، عبّر الأنيس عن أسفه لعدم وجود تنسيق فعلي حتى الآن بين الغرف التجارية في الضفة الغربية وتلك الموجودة في البلدات العربية داخل الخط الأخضر، قائلاً: "حتى هذه اللحظة لا يوجد تنسيق حقيقي، لكننا نأمل أن نتواصل قريبًا مع الغرف التجارية في الداخل. فنحن شعب واحد ومكملون لبعضنا البعض، والتعاون بيننا يمكن أن يفتح آفاقًا اقتصادية جديدة تخدم الجميع."
تجار يبحثون عن بدائل في ظل الصعوبات
شربجي: نبحث عن بدائل من الضفة الغربية في ظل الصعوبات المستمرة
غرفة الأخبار مع محمد أبو العز محاميد
08:07
بعد أشهر من الانقطاع شبه التام بسبب الأوضاع الأمنية خلال الحرب، بدأت مظاهر عودة تدريجية للحركة التجارية بين المجتمع العربي ومدن الضفة الغربية، وفق ما أفادت به جهات تجارية فلسطينية.
من بين هؤلاء التجار، محمود شربجي (أبو المعتصم)، صاحب مطعم تنورين في طولكرم، الذي اضطر إلى فتح فرع جديد في بلدة برطعة كحل بديل لمواجهة تراجع الحركة التجارية في الضفة الغربية.
وقال شربجي في حديثه لراديو الناس: "كل تاجر في الضفة الغربية بدأ يبحث عن بدائل بعد أن أصبحت هناك معوّقات كثيرة تحول دون وصول الناس إلى مدن مثل طولكرم أو جنين، لذلك قررنا أن نكون نحن المبادرين ونقترب أكثر من أهلنا في الداخل. لم يتمكنوا من القدوم إلينا، فقررنا أن نأتي نحن إليهم."
وأضاف أن اختيار برطعة لم يكن صدفة، بل لأنها موقع متوسط يسهل على أبناء الداخل الوصول إليه دون المرور بالحواجز أو التعقيدات الأمنية. وتابع: "افتتحنا المطعم الجديد في موقع مريح قرب محطة الغاز – مجمع أبو أحمد الشامي، والمكان مجهز ومناسب للعائلات ويوفر مواقف سيارات. نأمل أن تتحول المنطقة إلى وجهة بديلة مؤقتة للسوق في طولكرم."
تأثير الحرب على النشاط التجاري
وحول انعكاس الحرب على الحركة التجارية في طولكرم، أوضح شربجي أن المدينة كانت من أكثر المناطق تأثراً بالإغلاق. وقال في هذا السياق: "مدينة طولكرم دفعت الفاتورة الأكبر في هذه الحرب، فحوالي 80% من أهلها يعتمدون على الداخل المحتل في عملهم وتسوقهم، ومع توقف الحركة تراجع العمل لدينا بنسبة تجاوزت 80%. لدي مطعم وفندق فوقه، وبالكاد بقي النشاط عند 20%، وهو لا يغطي التكاليف."
وأشار إلى أن محاولات تقليص المصاريف لم تفلح في إنقاذ المشاريع الصغيرة والمتوسطة من الخسائر المتراكمة، قائلاً: "الأسواق ضعيفة جداً، والتجار بدأوا يفكرون بالهجرة. أما نحن فقررنا البقاء رغم الخسائر حفاظاً على الاسم الذي بنيناه طوال 17 عاماً في طولكرم."
وعن رؤيته الاقتصادية لفتح فروع جديدة في مناطق أكثر حيوية مثل برطعة، يرى شربجي أن هذه التجربة قد تكون نموذجاً ملهماً لكنها ليست بديلاً دائماً عن سوق الضفة. وأضاف "سوق الضفة الغربية لا يمكن تعويضه؛ هو سوق واسع ومتنوّع، وفيه تواصل إنساني واجتماعي بين العائلات. ما نقدمه في برطعة هو بديل مؤقت لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وليس بديلاً حقيقياً عن السوق الأم."
وأكد أن القرب الجغرافي والأجواء العربية الفلسطينية في برطعة ساعدت على استمرار التواصل التجاري والاجتماعي مع الداخل، وقال: "نحن بحاجة إلى هذه الأجواء التي تشبهنا وتعكس موروثنا الثقافي والحضاري."
“نحتاج إلى خطة مارشال”
وفي ختام حديثه، شبّه شربجي وضع التجار في الضفة بما عاشته أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، قائلاً: "التجار اليوم يحتاجون إلى خطة مارشال جديدة تعيدهم إلى الوقوف على أقدامهم. كثير من المصالح أغلقت تماماً وخرجت من السوق. نحن بقينا فقط حفاظاً على اسمنا وثقة زبائننا التي بنيناها عبر سنوات طويلة."
وأشار إلى أن العلاقة بينه وبين الزبائن تجاوزت حدود العمل التجاري: "صارت بيننا علاقات أخوة ومحبة؛ أشارك زبائني في الأفراح والأتراح في مدن الداخل، من طمرة إلى كفر مندا، وهذا بفضل التواصل المستمر والثقة المتبادلة."








