صادق البرلمان الأوروبي على تشريعات جديدة تستهدف خفض هدر الطعام ومخلّفات صناعة الملابس، التي تُعدّ من أبرز مصادر التلوّث في القارّة. وتأتي هذه الخطوة في ظلّ تقديرات تشير إلى أنّ دول الاتحاد تهدر نحو 60 مليون طن من الطعام سنويًا، أي ما يعادل 130 كيلوغرامًا للفرد، إضافة إلى 12.6 مليون طن من مخلّفات "الموضة"، بينها 5.2 مليون طن من الملابس والأحذية وحدها.
هذه الخطوة، التي وُصفت بالتاريخية، تمثّل محاولة لتغيير النموذج الاقتصادي القائم على الاستهلاك السريع، وتندرج ضمن مراجعة توجيه النفايات الأوروبي الصادر عام 2008. ووفق القوانين الجديدة، سيكون على الدول الأعضاء اتخاذ إجراءات لتسهيل التبرّع بالأغذية غير المُباعة والصالحة للاستهلاك، وخفض هدر الطعام بنسبة 30% بحلول عام 2030. ويُعزى التركيز بشكلٍ خاصّ على رفع الوعي المجتمعي لكون أكثر من نصف الهدر يحدث داخل المنازل، بحسب التقديرات.
أمّا في قطاع الأزياء، فتُلزم القوانين الجديدة جميع المنتجين، سواء داخل الاتحاد أو خارجه، بمن فيهم البائعون عبر التجارة الإلكترونية، بتمويل أنظمة "المسؤولية الممتدّة للمنتج". وبموجب هذه الآلية، تتحمّل العلامات التجارية كلفة إعادة تدوير منتجاتها، إلى جانب فرض رسوم أعلى على الشركات التي تغرق الأسواق بملابس رخيصة وسريعة التلف، كمنصّات مثل "Shein" وغيرها. هذه المنصّات شكّلت العام الماضي 91% من أصل 4.6 مليار طرد دخلت الاتحاد، بمعدّل يزيد عن 145 طردًا في الثانية.
مع ذلك، يظلّ تطبيق هذه السياسيات مليئًا بالتحدّيات: ففي السويد مثلًا، أدّى فرض الجمع الإلزامي لمخلّفات الملابس إلى تكدّس كميات ضخمة في محطات إعادة التدوير من دون وجود آليات معالجة واضحة، ما أجبر الحكومة على تعديل القانون والسماح مجدّدًا بالتخلّص من الملابس غير القابلة للاستخدام عبر القمامة العادية. وفي رومانيا، يقف غياب البنية التحتية عائقًا أساسيًا، رغم تخصيص أموال أوروبية لبناء 26 منشأة لإعادة التدوير بحلول 2026. وفي المقابل، أقرّت إسبانيا قانونًا يستهدف خفض الهدر بنسبة 50% للفرد بحلول 2030، ونجحت عام 2024 في إنقاذ أكثر من 51 ألف طن من الطعام والشراب من الهدر.
ويرى مشرّعون أوروبيون أنّ نقل عبء التكلفة من دافعي الضرائب إلى المنتجين قد يشكّل نقطة تحوّل جوهرية؛ فكلّما ارتفعت كلفة التخلّص من المخلّفات على الشركات، زادت الحوافز أمامها للاستثمار في متانة الملابس وتطوير أنظمة إعادة التدوير. وبالتوازي مع ذلك، طرح الاتحاد الأوروبي مقترحًا لفرض رسم ثابت بقيمة 2 يورو على الطرود الصغيرة المستوردة، في محاولة للحدّ من تدفق الواردات الرخيصة القادمة بمعظمها من الصين.
ومن المقرّر أن تُنشَر هذه القوانين قريبًا في الجريدة الرسمية للاتحاد، على أن يكون أمام الدول الأعضاء 20 شهرًا لترجمتها إلى تشريعات محلية.