تشيّع العاصمة الإيطالية روما، اليوم السبت، جثمان البابا فرنسيس إلى مثواه الأخير، وسط حضور واسع متوقع لقادة الدول، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي جونالد ترامب، وجموع غفيرة من المسيحيين الكاثوليك.
وينطلق موكب التشييع من الفاتيكان إلى المقبرة التي اختارها البابا بنفسه داخل كنيسته المفضلة في روما، حيث يودعه آلاف المشيعين وقادة العالم.
يأتي ذلك فيما تفرض السلطات الإيطالية إجراءات أمنية غير مسبوقة لتأمين الحدث، شملت إغلاق المجال الجوي فوق روما، ونشر أنظمة دفاع جوي وصواريخ مضادة للطائرات، وزوارق دورية على ضفاف نهر التيبر، في واحدة من أكبر عمليات التأمين منذ جنازة يوحنا بولس الثاني عام 2005.
وتتوقع السلطات الإيطالية مشاركة نحو 200 ألف شخص في مراسم الجنازة، التي ستُقام في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان، ابتداءً من الساعة العاشرة صباحًا بالتوقيت المحلي (11 صباحا بتوقيت القدس).
وسيترأس الكاردينال الإيطالي جيوفاني باتيستا ري القداس الذي سيُقام أمام كنيسة القديس بطرس، بمشاركة 162 وفدًا رسميًا من مختلف أنحاء العالم، بينهم عشرات من رؤساء الدول والحكومات وعدد من الملوك.
ترامب يودّع خصمه الفكري
ومن بين أبرز الحاضرين، الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي سبق أن دخل في سجالات علنية مع البابا الراحل بشأن قضايا الهجرة. كما يشارك زعماء من الأرجنتين، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، الفلبين، بولندا، أوكرانيا، إضافة إلى رئيسي وزراء بريطانيا ونيوزيلندا، وأفراد من عائلات مالكة أوروبية.
وعقب انتهاء القداس، يُعاد تابوت البابا إلى كنيسة القديس بطرس قبل أن يغادر موكب الجنازة باتجاه مكان الدفن.
ويمتد طريق الموكب لمسافة 6 كيلومترات عبر قلب العاصمة، مرورًا بمعالم تاريخية بارزة مثل بيازا فينيسيا والكولوسيوم، وصولًا إلى كنيسة سانت ماري ماجور، حيث سيتم دفن البابا فرنسيس الذي اعتاد زيارتها طوال سنوات خدمته البابوية التي امتدت 12 عامًا.
مقاطعة إسرائيلية رسمية بارزة
وبينما تصل وفود بمتسوى رفيع من غالبية دول العالم، تكتفي إسرائيل بإيفاد سفيرها لدى الفاتيكان للمشاركة في المراسيم، وسط حملة مقاطعة واسعة بارزة في إسرائيل حتى في تقديم التعازي بوفاة البابا فرنسيس.
ويأتي ذلك على خلفية موقف البابا فرنسيس تجاه الحرب على غزة، ومقتل المدنيين وخاصة الأطفال منهم، ودعوات البابا السابقة لإسرائيل بوقف الحرب التي لطالما أثارت غضبا إسرائيلية
في الأمس، أعربت الكنيسة الكاثوليكية في القدس عن خيبة أملها من رد الفعل الخافت للجهات الرسمية في إسرائيل على وفاة البابا فرنسيس. فبينما أكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن سفيرها لدى الفاتيكان، يارون زايدمان، سيكون الممثل الرسمي الوحيد في الجنازة المقررة اليوم السبت، فإن كبار المسؤولين – مثل رئيس الدولة يتسحاك هرتسوغ، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الخارجية غدعون ساعر – لن يشاركوا في مراسم التشييع.
رحيل بابا غير تقليدي للفقراء والمهمشين
توفي البابا فرنسيس، الأرجنتيني الجنسية، يوم الاثنين الماضي عن عمر يناهز 88 عامًا إثر إصابته بجلطة دماغية. وبهذا تُطوى صفحة بابا يُعدّ أول غير أوروبي يتولى المنصب منذ أكثر من 13 قرنًا، بعد مسيرة استمرت 12 عامًا سعى خلالها لإعادة تشكيل الكنيسة الكاثوليكية والانحياز للفقراء والمهمشين.
وضع إلى جانب جثمان البابا ملخص رسمي لبابويته مكتوب باللاتينية، وصفه بأنه "ترك للجميع شهادة رائعة عن الإنسانية والحياة المقدسة والأبوة العالمية". وقد واجه خلال ولايته مقاومة من التيارات المحافظة داخل الكنيسة بسبب دعواته للشفافية، ورفضه الصراعات والانقسامات، ونقده للرأسمالية المفرطة.
عرف عن البابا فرنسيس رفضه للبذخ والمظاهر المترفة المرتبطة بالبابوية، وقد امتدت هذه الفلسفة حتى إلى تفاصيل جنازته. على عكس أسلافه، سيدُفن في تابوت خشبي واحد مبطن بالزنك، متخليًا عن التوابيت الثلاثة المتداخلة التقليدية. واختار أن يُدفن خارج الفاتيكان، في كنيسة القديسة مريم الكبرى، التي تبعد أربعة كيلومترات عن كنيسة القديس بطرس، والتي اعتاد زيارتها بانتظام.
وقبر البابا الجديد لا يحمل سوى كلمة "Franciscus" (فرنسيسكوس) منقوشة باللاتينية، تعلوه نسخة مطلية من صليبه الحديدي البسيط، الذي كان يضعه حول عنقه، تعبيرًا عن تواضعه حتى في مماته.
First published: 09:11, 26.04.25