الأحزاب العربية في مرحلة ما بعد غانتس ولبيد

قرارات المعارضة الإسرائيلية الأخيرة فتحت الخيارات من جديد أمام الأحزاب العربية، ولكن من سيكون البديل؟ | محمد مجادلة في مقال خاص

4 عرض المعرض
النائب أيمن عودة خلال جلسة إقصائه من الكنيست
النائب أيمن عودة خلال جلسة إقصائه من الكنيست
النائب أيمن عودة خلال جلسة إقصائه من الكنيست
(فلاش 90)
الأحداث الأخيرة في الكنيست لإقصاء النائب أيمن عودة، أبرزت من جديد تردي العلاقة والشراكة بين الأحزاب العربية واليهودية في المعارضة الحالية. مندوبا حزب "يش عتيد" و"همحني همملختي" صوّتا لصالح إقصاء عودة في لجنة الكنيست البرلمانية، ما يعني أن الحسم في هذا الشأن انتقل الآن إلى التصويت في الهيئة العامة التي تحتاج لحشد 90 صوتًا من أجل إتمام الإقصاء رسميًا بحق النائب أيمن عودة بعد أسبوعين.
المفارقة الكبرى في هذا الشأن، أن أيمن عودة رئيس قائمة الجبهة والعربية للتغيير الذي قاد القائمة المشتركة في مختلف نسخها منذ تشكيلها عام 2015 وحتى انهيارها عام 2021، هو الذي قاد التوصية أكثر من مرّة على بيني غانتس ويائير لبيد لكي يستبدلا بنيامين نتنياهو في رئاسة الحكومة، بسبب هذه التوصيات دفع عودة أثمانًا سياسية وحزبية باهظة داخل المجتمع العربي وفي الجبهة، واليوم يجد نفسه يواجه خطر الإقصاء بأصوات لبيد وغانتس اللذين حارب من أجل الشراكة معهما سابقًا.
غانتس ولبيد: قرار دون قرار
في المقابل، يؤكد قادة حزبي غانتس ولبيد أنهما لم يتخذا قرارًا نهائيًا بشأن التصويت في الهيئة العامة. هذا الأسبوع قال رام بن براك، عضو الكنيست عن حزب "يش عتيد" في حديث لراديو الناس: "سأصوّت ضد إقصاء النائب أيمن عودة، وهناك أعضاء كنيست آخرون من حزبي سيصوّتون ضد هذا الإقصاء". مقرّبو لبيد أكدوا أيضًا أن رئيس الحزب سيعطي لأعضاء "يش عتيد" حرية كاملة في التصويت، وهكذا سيقرّر غانتس أيضًا دون الإعلان عن ذلك رسميًا. معنى ذلك أن إقصاء النائب أيمن عودة لن يحصل على 90 صوتًا، ولكن ذلك سيجري خفيةً وخشيةً ودون إعلان موقف مبدئي ورسمي من أحزاب المعارضة الإسرائيلية.
4 عرض المعرض
رئيس القائمة العربية الموحدة - منصور عباس
رئيس القائمة العربية الموحدة - منصور عباس
منصور عباس ووليد طه برفقة لبيد
(Flash90)
وبينما تتخبّط المعارضة في أبسط قراراتها السياسية، يظهر الائتلاف الحكومي بقيادة بنيامين نتنياهو بأبهى تجلياته السياسية منذ بداية الحرب. نتنياهو الذي يجتاز أزماته الائتلافية واحدةً تلو الأخرى من تخطي أزمة تجنيد الحريديم وحتى إرضاء بن غفير وسموتريتش بشأن إدارة الحرب على قطاع غزة، انتقل من الدفاع إلى الهجوم. خطوة إقصاء النائب أيمن عودة التي بادر إليها الليكود هي أولى الضربات الهجومية لائتلاف نتنياهو الذي يسعى من الآن للتأثير على نسبة التصويت في المجتمع العربي خلال الانتخابات القادمة. كيف ذلك؟ إليكم المعطيات:
الليكود يحاول ضرب نسبة التصويت
استطلاع أجراه معهد "آكورد" في الجامعة العبرية في القدس، أظهر أن شطب حزب عربي أو إقصاء مرشّح أو نائب عربي في الكنيست قد يؤدي إلى انخفاض نسبة التصويت في البلدات العربية بقرابة الـ 20%. هذا سيضمن لنتنياهو بكل تأكيد تشكيل الحكومة القادمة بشكل مريح، ولذلك فإن تخبّط غانتس ولبيد بموضوع إقصاء النائب أيمن عودة يُظهر من جديد مدى الإخفاق في إدارة أحزاب المعارضة، التي تفشل مرة تلو الأخرى باتخاذ القرارات الأخلاقية الصائبة، وتفشل أيضًا بإجراء الحسابات السياسية الصحيحة من أجل إنقاذ نفسها من تشكيل حكومة يمينية متطرفة جديدة بقيادة نتنياهو بعد الانتخابات القادمة.
4 عرض المعرض
نتنياهو يكرم أفراد الشرطة
نتنياهو يكرم أفراد الشرطة
نتنياهو وبن غفير يكرّمان قائد الشرطة
(مكتب نتنياهو)
وفي ظل هذه الظروف السياسية المعقّدة، لم يعد أمام الأحزاب العربية الكثير من السيناريوهات الأخرى. سيناريو القائمة المشتركة بمركّباتها الأربعة بات أكثر من أيّ وقت مضى أكثر إلحاحًا الآن. استطلاع أجراه معهد "ستات نت" كشف أن قائمة مشتركة تجمع الجبهة، الموحدة، العربية للتغيير والتجمع سترفع نسبة التصويت في المجتمع العربي لأكثر من 65% وقد تمنح الأحزاب العربية 17 مقعدًا، لتكون هذه نسبة التمثيل الأعلى للأحزاب العربية في تاريخ السياسة الإسرائيلية. هذا السيناريو خلافًا لذلك الذي يريده نتنياهو، سيمنع بكل تأكيد تشكيل حكومة جديدة يتحكّم بها ايتمار بن غفير وبتسالئيل سموتريتش.
بعد لبيد وغانتس، من البديل؟
ولكن إذا اتفقت الأحزاب العربية أن لبيد وغانتس أصبحا من الماضي ولا يمكن التعاون معهما بعد سلسلة القرارات المجحفة بحق العرب منذ بداية الحرب، فمن يكون البديل إذًا؟ لدى قيادة الأحزاب العربية يبرز اسم جديد في خارطة التوقّعات: غادي آيزنكوت. الجنرال الذي انشق عن غانتس هذا الأسبوع وأعلن أنه "لا يمكن السكوت والبقاء في هذه الحال لمواجهة حكومة نتنياهو"، كان قد التقى عددًا من أعضاء الكنيست العرب مؤخرًا وتحدّث إليهم دون تلعثم عن ضرورة معارضة إقصاء النائب أيمن عودة ورفض خطوات حكومة نتنياهو العنصرية. "آيزنكوت قد يفتقر إلى الخبرة السياسية" يقول أحد قادة الأحزاب العربية، "ولكنه بكل تأكيد أكثر جرأةً وصلابةً في مواقفه أمام نتنياهو وأبواقه التحريضية علينا".
4 عرض المعرض
بيني غانتس وغادي آيزنكوت
بيني غانتس وغادي آيزنكوت
بيني غانتس وغادي آيزنكوت
(فلاش 90)