كشف تقرير لمؤسسة التأمين الوطني لعام 2024، أن 27.1% من الأسر في البلاد تعاني من انعدام الأمن الغذائي في مقابل 58% من الأسر العربية، والتي لا تحظى سوى 10% منها بمستوى عالٍ من الأمن الغذائي.
وفي لقاء خاص لراديو الناس، تحدث حسام أبو بكر، محلل في شؤون الأمن الاجتماعي والاقتصادي ومختص بقضايا التأمين، عن الأزمة مؤكداً أن هذه الظاهرة تمثل كارثة حقيقية خاصة في المجتمع العربي.
وأشار أبو بكر إلى أن «ما يقارب 30% من الأسر تعاني من انعدام الأمن الغذائي، بمعنى أن هذه العائلات لا تستطيع توفير الطعام الأساسي لمنزلها، أو توفر طعاماً لا يرقى إلى مستوى السلّة الغذائية المطلوبة». وأضاف: «بالرغم من أنني لست خبيراً في معايير السلّة الغذائية، إلا أن المعنى العام يشير إلى عائلات تفتقر إلى مركبات غذائية أساسية، خصوصاً لدى العائلات التي لديها أطفال صغار. للأسف، حسب التقرير، 30% من العائلات لا تستطيع توفير هذه السلّة الغذائية».
أزمة تهدد المجتمع العربي
مقترحات حسام أبو بكر لمعالجة ظاهرة الأمن الغذائي في المجتمع العربي
المنتصف مع فرات نصار
06:02
وأكد أن المشكلة لا تتعلق فقط بعدم توفر الكميات الكافية من الطعام، بل تشمل أيضاً «نقصاً في جودة المواد الغذائية التي يحتاجها الأطفال والعائلات»، معبراً عن قلقه من أن النسبة في المجتمع العربي «مرتفعة أكثر بكثير من النسبة العامة». وأوضح أن «حوالي 58% من المجتمع العربي يعاني من انعدام الأمن الغذائي، ما يعني كارثة بكل المقاييس، لأننا نتحدث عن مجتمع بأكمله لا يستطيع توفير الأمن الغذائي لعائلاته».
وحول تداعيات هذه الأزمة، لفت أبو بكر إلى أنها تمتد لتشمل جوانب اجتماعية وصحية وتطورية، قائلاً: «الأمر ليس فقط متعلقاً بالتطور الجسدي للأشخاص، بل له تأثيرات اجتماعية ونفسية، مثل شعور العائلات بعدم المساواة مقارنة ببقية العائلات في الدولة، وهذا يؤثر سلباً على الحالة النفسية للأفراد».
وعن الأسباب، أوضح أن هناك «نسبة عالية من العائلات العربية تحت خط الفقر، بالإضافة إلى غياب البنى التحتية الداعمة التي تساعد هذه العائلات على الخروج من دائرة الفقر وتوفير مصادر دخل مستقرة». وأضاف: «هذا الوضع يتفاقم بسبب تقليص الموازنات المخصصة للمجتمع العربي من قبل الحكومة الحالية، مما يعمق الفجوات ويزيد من حدة مشكلة انعدام الأمن الغذائي».
ونوّه إلى غياب إطار مؤسسي واسع «يضمن الأمن الغذائي لكل محتاج في المجتمع العربي، رغم وجود جمعيات وحركات فاعلة، إلا أنها ليست كافية لتغطية هذه الأزمة بشكل شامل». وأضاف بحزن: «هذا الموضوع ككرة نار حارقة تمس الجميع، لكن للأسف لا يوجد عمل جماهيري فعّال لمواجهة هذه القضية، سواء على صعيد محاربة العنف أو الفكر المتغلغل أو انعدام الأمن الغذائي».
ودعا أبو بكر إلى ضرورة تدخل الدولة عبر «هيئة متخصصة تتولى وضع خطط وحلول لقضية الأمن الغذائي»، مشيراً إلى أن هناك توصيات سابقة صدرت من لجان مختصة قبل عدة سنوات، لكنها «تبخرت ولم تُأخذ على محمل الجد». وشدد على أن «هذه القضية يجب أن تكون على طاولة متخذي القرارات، ويجب أن يكون لدى المجتمع العربي وعي كافٍ لإثارة هذه المشكلة وطرحها بجدية».
وأضاف: «إذا اقتصر الأمر على منظمات المجتمع المدني فقط، فهذا غير كافٍ، بل يجب أن يكون ذلك ضمن صلب عمل القيادات الحالية التي يجب أن تضع برامج عملية لمعالجة هذه الأزمة». وختم أبو بكر حديثه بالشكر لراديو الناس قائلاً: «سنتابع معكم هذه القضية الهامة، وشكراً لهذه الفرصة لإلقاء الضوء عليها».


