قمة ثلاثية معلّقة: مصر تربط لقاء نتنياهو بصفقة غاز ضخمة وانسحابات حسّاسة في غزة

بحسب مصادر مطلعة، يشترط الرئيس السيسي عقد اللقاء بتوقيع اتفاق لشراء الغاز من حقل "ليفياثان" الإسرائيلي—وهي صفقة عملاقة تقدّر قيمتها بنحو 35 مليار دولار

2 عرض المعرض
السيسي ونتنياهو وترامب
السيسي ونتنياهو وترامب
السيسي ونتنياهو وترامب
(flash90)
مع اقتراب اللقاء المرتقب بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب نهاية الشهر الجاري، تجري خلف الكواليس اتصالات دبلوماسية مكثفة يقودها الجانب الأميركي بهدف ترتيب قمة ثلاثية تضم أيضًا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
لكن، بحسب مصادر مطلعة، يشترط الرئيس السيسي عقد اللقاء بتوقيع اتفاق لشراء الغاز من حقل "ليفياثان" الإسرائيلي—وهي صفقة عملاقة تقدّر قيمتها بنحو 35 مليار دولار.
شرط مصري إضافي يعقّد المشهد
إلى جانب صفقة الغاز، يطالب السيسي بأن تنسحب إسرائيل من ممر فيلادلفي وطريق نتساريم—وهو مطلب ترفضه إسرائيل بشدة.
كما يكشف مسؤولون أن نتنياهو والسيسي لم يتحدثا منذ اندلاع الحرب في غزة، وأن الرئيس المصري رفض سابقًا دعوة نتنياهو إلى قمة مشتركة في شرم الشيخ.
تحذيرات داخل إسرائيل: "نتنياهو قد يقدّم تنازلات دون مقابل"
مصادر بارزة في قطاع الطاقة الإسرائيلي حذّرت من أن نتنياهو قد يوافق على الصفقة دون الحصول على أي تعهّد مصري بمحاربة تهريب السلاح أو التراجع عن مطلب الانسحاب من فيلادلفي.
وقال أحد المسؤولين:"منذ متى تقدّم إسرائيل الهدايا قبل عقد اللقاءات؟ إذا وافق نتنياهو على الصفقة دون ضمانات أمنية، فسيكون ذلك أمرًا عبثيًا."
وأضاف أن الغاز الإسرائيلي "مورد استراتيجي من الدرجة الأولى"، وأن تأمين المصالح الإسرائيلية شرط أساسي قبل أي توقيع.
معارضة وزير الطاقة إيلي كوهين
ما يعطّل التوصل لاتفاق حتى الآن هو رفض وزير الطاقة إيلي كوهين المصادقة على الصفقة قبل ضمان اتفاق موازٍ مع شركة الكهرباء الإسرائيلية يضمن عدم ارتفاع أسعار الكهرباء للمستهلك.
يمارس كوهين ضغوطًا على شركاء حقل ليفياثان لتزويد إسرائيل بالغاز بأسعار مخفضة، لكن الأسعار التي قدّمها الشركاء حتى الآن ما تزال مرتفعة.
مسؤول آخر أوضح:"كوهين يشترط أسعارًا مناسبة للسوق المحلي قبل الموافقة على الصفقة مع مصر، وهناك تقدّم في المفاوضات."
2 عرض المعرض
الغاز الطبيعي في إسرائيل على وشك النفاد
الغاز الطبيعي في إسرائيل على وشك النفاد
الرئيس السيسي يشترط عقد اللقاء بتوقيع اتفاق لشراء الغاز من حقل "ليفياثان" الإسرائيلي
(Flash 90)
تلاقي مصالح بين واشنطن والقاهرة وتل أبيب
مصدر سياسي رفيع أكد أن الأطراف الثلاثة مهتمة بإنجاح الصفقة: الولايات المتحدة تريد تعزيز الاستقرار الإقليمي ودعم شركة "شيفرون" المشغّلة للحقل. وإسرائيل ستجني عشرات المليارات من الشواقل عبر الضرائب والرسوم. ومصر ستحصل على كميات ضخمة من الغاز تمثل نحو 20% من احتياجاتها الكهربائية، وهو مكسب اقتصادي كبير.
وأضاف المصدر: "نتنياهو يعمل على تحقيق إنجازات سياسية مع مصر، وهناك فرصة جيدة لعقد اللقاء الثلاثي."
خلافات استراتيجية عميقة: هل تستنزف إسرائيل مواردها؟
يعبّر خبراء ومنظمات مدنية عن مخاوف من أن إسرائيل تستنفد معظم احتياطاتها من الغاز الطبيعي، ما سيؤثر على أمنها الطاقي مستقبلاً، خصوصًا أن 70% من الكهرباء الإسرائيلية تنتج حاليًا من الغاز.
ورغم أن الصفقة قد تدرّ على إسرائيل 35 مليار شيكل، إلا أن معارضيها يحذرون من أن المستهلك الإسرائيلي قد يتحمل لاحقًا تكاليف أعلى نتيجة نقص الغاز وارتفاع أسعار الكهرباء.
جهود بحث جديدة عن الغاز
أعلن وزير الطاقة أن وزارته ستطلق الشهر المقبل جولة جديدة للبحث عن الغاز الطبيعي في المياه الاقتصادية لإسرائيل، استنادًا إلى تقديرات تشير إلى وجود مئات المليارات من الأمتار المكعبة غير المكتشفة بعد.
لكن منظمات البيئة، وفي مقدمتها "غرينبيس"، هاجمت القرار بشدة. وقالت دانييلا كوهين، رئيسة قسم الطاقة والمناخ:
"هذه استجابة واضحة لمصالح شركات النفط والغاز على حساب الجمهور والبيئة والمناخ. تحويل البحر المتوسط إلى منطقة حفر سيُلحق ضررًا هائلًا بالنظم البيئية."
خلاصة المشهد
الصفقة التي قد تُفتح لها أبواب قمة ثلاثية تاريخية تحمل في طيّاتها فرصًا اقتصادية هائلة، لكنّها أيضًا محملة بمخاطر استراتيجية تتعلق بالأمن القومي، أسعار الكهرباء، استنزاف الموارد الطبيعية، والضغوط السياسية المصرية والأميركية.
ومع تسارع المفاوضات، يبقى السؤال: هل سيقدم نتنياهو على صفقة الغاز بشروط مصر—أم يتمسّك الخط الأحمر الأمني والاقتصادي الإسرائيلي؟