وصل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عصر الخميس إلى إسرائيل، بعد ساعات من مغادرة نائب الرئيس الأميركي جي. دي. فانس الذي أنهى زيارة استمرت يومين، وذلك في إطار جهود واشنطن لضمان تنفيذ اتفاق الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة.
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فقد عُقد اجتماع للمجلس الوزاري المصغّر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) في القدس فور وصول روبيو، بطلب من مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
بعد هبوطه بساعات، التقى روبيو بنتنياهو في مكتب رئيس الحكومة بالقدس. وخلال اللقاء، تجنّب نتنياهو التعليق على تصريحات ترامب الأخيرة التي قال فيها إن ضمّ الضفة الغربية “لن يحدث”، مكتفيًا بالقول: “زيارة الرئيس ترامب للكنيست ستُسجّل في تاريخنا، نحن نريد السلام، لكن أمامنا تحديات أمنية كبيرة.”
روبيو: “تحقّق تقدم كبير لكن المهمة لم تنته بعد”
من جانبه، قال وزير الخارجية الأميركي في تصريح مشترك مع نتنياهو:“نحن هنا بعد أسبوع من يومٍ تاريخي، حيث عمل الرئيس ترامب على تحقيق اختراق مهم. أحرزنا تقدمًا كبيرًا، لكن لا أحد لديه أوهام — لا تزال هناك الكثير من العقبات. أنا هنا لأن هناك مزيدًا من العمل لإنجازه، ونحن واثقون أننا سنصل إلى الهدف رغم الصعوبات.”
ويُعدّ روبيو ثالث مسؤول أميركي رفيع يزور إسرائيل خلال أسبوع، بعد فانس، وقبل زيارة مرتقبة يوم الأحد للمبعوثة الأميركية إلى لبنان مورغان أورتاغوس، وسط حديث في الأوساط السياسية عن "جسر مراقبة أميركي دائم" على تنفيذ الاتفاق. كما يُتوقع أن يصل لاحقًا وزير الطاقة الأميركي كريس رايت.
مصادر إسرائيلية: “القول إن الأميركيين جاءوا لفرض وصاية على نتنياهو سخيف”
نفى مصدر سياسي إسرائيلي رفيع وجود أي “وصاية أميركية” على الحكومة الإسرائيلية، موضحًا أن سلسلة الزيارات الأميركية هدفها تنسيق الجهود لتأسيس القوة الدولية الخاصة بغزة.
وقال المصدر:“القول إن كبار المسؤولين الأميركيين يأتون لممارسة بِيبي-سِتينغ (مراقبة نتنياهو) أمر سخيف. الحقيقة أن ما يحدث هو أمر غير مسبوق: تشكيل قوة دولية لتثبيت الاستقرار في غزة. هذه عملية ضخمة تتطلب تنسيقًا معقدًا بين أطراف كثيرة.”
وأشار إلى أن الولايات المتحدة انزعجت بشدة من التصويت على “قانون السيادة” في الكنيست، الذي أثار حفيظة واشنطن، مضيفًا:
“كان لا بد من توضيح أن التصويت كان تمهيديًا فقط، وأن الحكومة لن تدفع بالقانون قُدمًا.”
تشكيل قوة دولية لتثبيت الاستقرار في غزة
بحسب المصدر، فإن إسرائيل أبلغت واشنطن أنها تفضّل أن تضم القوة الدولية دولًا أوروبية صديقة مثل ألمانيا وإيطاليا، لكنها ترفض مشاركة فرنسا التي “تسرعت في الاعتراف بالدولة الفلسطينية وانتقدت إسرائيل في محكمة لاهاي”. وقال:“هذا ليس فيتو، بل تفضيل واضح.”
وقبيل سفره إلى إسرائيل، صرّح روبيو بأن عدة دول من خارج الشرق الأوسط أعربت عن استعدادها للمشاركة في القوة الدولية لتثبيت الاستقرار في غزة، مضيفًا أن “القمع الذي تمارسه حماس ضد الفلسطينيين في القطاع أمر مروّع.”
كما حذّر الوزير الأميركي من أن مشاريع القوانين التي تدفعها الكنيست بشأن فرض السيادة في الضفة الغربية تشكّل خطرًا على اتفاق السلام في غزة، مؤكدًا أن “الرئيس ترامب أوضح أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تدعم مثل هذه الخطوات في الوقت الحالي.”
واشنطن تُكثف حضورها وتراقب التنفيذ عن قرب
نقلت مصادر إسرائيلية أن الإدارة الأميركية تُكثّف حضورها الميداني في المنطقة عبر “جسر دبلوماسي متتابع” من المسؤولين، ووصفت الأجواء بين تل أبيب وواشنطن بأنها “مشحونة بالضغط والرقابة المستمرة”.
وقال أحد المصادر:“الأميركيون في حالة استنفار كامل… إنهم لا يسمحون لأي تفصيل بأن يفلت من أيديهم. لم نشهد مثل هذا المستوى من الانخراط منذ عقود.” وأكد أن الولايات المتحدة مصمّمة على منع انهيار اتفاق شرم الشيخ، وأن أولوية البيت الأبيض هي استعادة جميع الرهائن القتلى من غزة.
وكان نائب الرئيس فانس قد صرّح أمس أن “بعض جثامين الرهائن مدفونة عميقًا في الأرض”، مشيرًا إلى أن عملية العثور عليهم “ستستغرق وقتًا وتتطلب صبرًا”.
وفي الوقت ذاته، يواصل قائد القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM)، الأميرال براد كوبر، العمل على تشكيل القوة الدولية، التي ستُكلّف بـضمان تفكيك حماس من سلاحها، ومنع أي خرق لوقف إطلاق النار سواء من جانب حماس أو من جانب إسرائيل، مع الإشراف على الأوضاع الأمنية والإنسانية في القطاع.



