تشهد مدينة القدس وضواحيها بعد ظهر اليوم (الخميس) حالة من الفوضى المرورية والازدحام غير المسبوق، تزامناً مع "مسيرة المليون" التي ينظمها التيار المتشدد (الحريدي) احتجاجاً على تجنيد طلاب المدارس الدينية (الـ"يشيفوت") في الجيش الإسرائيلي.
مصرع فتى (15 عامًا) بعد سقوطه من مبنى قيد الإنشاء خلال الاحتجاجات
ولقي فتى يبلغ من العمر 15 عامًا مصرعه عصر اليوم (الخميس) بعد سقوطه من علوّ في موقع بناء بشارع شزَر في القدس، وذلك خلال احتجاجات الحريديم الواسعة التي تشهدها المدينة. وجاء في بيان نجمة داوود الحمراء أنّ طواقمها تلقّت بلاغًا عند الساعة 16:31 حول سقوط فتى في موقع البناء، حيث هرع المسعفون إلى المكان ووجدوا المصاب فاقدًا للوعي ودون أي علامات حياة، ليُعلن لاحقًا عن وفاته في الموقع متأثرًا بإصاباته البالغة والمتعددة.
من جانبها، باشرت الشرطة التحقيقات في ظروف وملابسات الحادث.
وتزامنت الحادثة مع حالة ازدحام غير مسبوقة في شوارع القدس ومحيط مداخلها، في أعقاب التظاهرات التي نظمها عشرات الآلاف من أبناء الطائفة الحريدية احتجاجًا على قانون التجنيد.
وعلم أنه بعد الإعلان عن وفاة الفتى، تم إيقاف الموسيقى، وطلب المنظِّمون من المتظاهرين مغادرة المكان.
وقرابة الساعة الخامسة والنصف من مساء الخميس أعلن رسميا عن انتهاء التظاهرة الحريدية ضدّ التجنيد في القدس، وقدّرت الجهات المختصّة عدد المشاركين بنحو 200 ألف شخص.
إغلاق محاور رئيسية واكتظاظ في محطات القطار
* إغلاق "طريق رقم 1": أغلقت الشرطة الإسرائيلية الطريق الرئيسي (رقم 1) أمام حركة المركبات الخاصة في كلا الاتجاهين، بين منطقة "لترون" و"غينوت سحاروف"، وذلك في إطار الاستعدادات الأمنية للمسيرة. سُمح فقط للحافلات المنظمة مسبقاً بالدخول إلى القدس عبر طريق رقم 16.
* عزل القدس: حذرت الشرطة من اختناقات مرورية استثنائية وطالبت الجمهور بتجنب الوصول إلى المنطقة، مما أدى عملياً إلى شبه شلل في الحركة بين منطقة "غوش دان" والقدس.
* فوضى القطارات: سجلت محطات القطار اكتظاظاً هائلاً، حيث تدافع الآلاف نحو السلالم والعربات، ما اضطر "قطار إسرائيل" لفتح البوابات للسماح بالتدفق الحر للركاب كإجراء متبع في الأحداث الجماهيرية لمنع حوادث التدافع. ورغم المخاوف، تقرر استمرار عمل محطة "القدس يتسحاق نافون" حتى الساعة 13:30 بعد تدخلات سياسية، قبل أن تغلق بالكامل حتى نهاية التجمع.
هتافات واعتداءات خلال المسيرة
احتشد ما يقدر بمئتي ألف شخص في شوارع المدخل المؤدي إلى القدس، وصل غالبيتهم عبر حافلات منظمة وقطارات. وقد رفع المتظاهرون لافتات تحمل شعارات مناهضة للتجنيد، وبعضها يحمل عبارات حادة مثل: "إسرائيل هي ستالين" و "لا نخاف من الاعتقالات، بل من الأهداف". وتصدرت المسيرة صورة أريئيل شماي، طالب المدرسة الدينية الذي تم اعتقاله وحبسه في سجن عسكري لعدم امتثاله لأوامر التجنيد.
* أعمال عنف: وقعت أعمال شغب أثناء المسيرة، حيث اعتدى متظاهرون على صحفية من "كشت نيوز" بإلقاء الحجارة والزجاجات والعصي عليها.
* اشتباكات لفظية: انطلق مئات الشبان المتشددين من جسر "الميتاريم" نحو وسط المدينة، وهم يسيرون على الطريق ويرددون هتافات "صهاينة لُعناء"، وقاموا بتمزيق لافتة كُتب عليها "كل الشعب جيش دفاع".
* دوافع الاحتجاج: أوضح أحد المشاركين، يهودا يوسف من بيت شيمش، أن الدافع هو "رفع صرخة كبيرة" استجابة لدعوة "حكماء الجيل" للحفاظ على استمرار طلاب المدارس الدينية في دراستهم، مؤكداً: "العالم قائم بفضل التوراة. المتشددون لا يذهبون إلى الجيش، لأن هذا ضعف في منهج حياتنا".
تظاهرة مضادة وإصابة شرطي
في المقابل، نُظمت تظاهرة مضادة صغيرة لجنود الاحتياط، بينهم جنديان وصلا مباشرة من قاعدة "تسيئيليم". رفع المتظاهرون لافتة كتب عليها: "هذا التجمع لرفع أرواح 921 من إخوتنا وأخواتنا الذين سقطوا في الحرب على الأرض والتوراة"، في إشارة إلى قتلى الحرب الأخيرة.
وفي حادث منفصل، أصيب شرطي بجروح متوسطة بعد أن صدمته حافلة لم تلاحظ وجوده عند إحدى حواجز الشرطة على طريق رقم 16، ويجري التحقيق في ملابسات الحادث.
إجراءات أمنية وتنديد سياسي
انتشر نحو 2,000 شرطي ومتطوع لتأمين التجمع والحفاظ على النظام، وهو نفس عدد القوات التي أمنت "مسيرة الفخر" (البرايد) في القدس والتي شارك فيها 10 آلاف شخص فقط.
وأثارت قرارات الإغلاق ردود فعل غاضبة من قادة التيار المتشدد، حيث وصف رئيس حزب شاس، أرييه درعي، إغلاق محطة القطار بأنه "فضيحة"، معتبراً أنه سيمنع عشرات الآلاف من الوصول والمشاركة.
