أعاد المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر تشكيل "لجنة الدراما"، في خطوة جديدة تعكس تصاعد التدخل الرسمي في المحتوى الفني، وذلك في أعقاب انتقادات وجهها الرئيس عبد الفتاح السيسي لبعض مسلسلات رمضان، والتي وصفها بـ"الغث" و"الهزل".
لجنة دراما جديدة برئاسة ماجدة موريس
أعلن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز، عن إعادة تشكيل لجنة الدراما برئاسة الكاتبة والناقدة الفنية ماجدة موريس، مع الإبقاء على التشكيل السابق وإضافة المخرج أحمد صقر إلى عضوية اللجنة. ووفقاً للبيان الرسمي، فإن اللجنة ستتولى مهمة "متابعة ورصد وتحليل المحتوى الدرامي المعروض في وسائل الإعلام، والتأكد من التزامه بالمعايير المهنية والأخلاقية التي يحددها المجلس".
يأتي هذا التعديل في وقت تصاعد فيه الجدل حول مضمون عدد من المسلسلات الرمضانية التي تُعرض حالياً، وسط اتهامات لها بتقديم صورة مشوهة عن المجتمع المصري، والتركيز على العنف والانحرافات الأخلاقية على حساب القيم الإيجابية.
انتقادات رئاسية وتحركات إعلامية مصاحبة
خطوة إعادة تشكيل اللجنة جاءت بعد تصريحات مباشرة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال فعاليات "الندوة التثقيفية للقوات المسلحة"، أعرب فيها عن امتعاضه من بعض الأعمال الدرامية الرمضانية، قائلاً: "لا يصح أن يُقال لنا إن هذا هو حال المصريين... هذا غثّ، وليس هوية المصريين".
وفي استجابة سريعة، أعلنت "الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية" – وهي أكبر كيان إنتاج إعلامي في البلاد – عن تشكيل لجنة داخلية للمحتوى تضم عدداً من الخبراء والفنانين، بهدف مراجعة الأعمال الحالية ووضع خطط مستقبلية تضمن "توازن الإبداع مع المسؤولية الاجتماعية".
كما قرر حزب "الجبهة الوطنية" تكليف الكاتب مدحت العدل، والفنانين أشرف زكي وسامح الصريطي، بإعداد دراسة متكاملة حول واقع الدراما المصرية، وكيفية استثمارها كوسيلة لـ"بناء وعي وطني متزن"، وفق تعبير الحزب.
جدل حول حرية الإبداع وحدود الرقابة
هذه التحركات أثارت ردود فعل متباينة في الأوساط الثقافية والفنية، إذ يرى البعض فيها محاولة للعودة إلى نمط رقابي صارم على الإنتاج الفني، فيما يراها آخرون ضرورة لردم الفجوة بين ما يُعرض على الشاشات وبين الواقع المجتمعي الذي يسعى النظام السياسي لترويجه.
عدد من الفنانين والكتّاب أبدوا تحفظهم على ما وصفوه بـ"التسييس الزائد للعمل الدرامي"، محذرين من تحجيم حرية التعبير والتنوع الإبداعي تحت ذريعة "المسؤولية الوطنية".
في المقابل، دافع مسؤولون في الإعلام المصري عن هذه التوجهات، معتبرين أن "الدراما ليست معزولة عن معركة الوعي" وأن الدولة معنية بـ"حماية المجتمع من الانحرافات التي يمكن أن تعززها بعض الأعمال الفنية".
واقع درامي في مرمى السياسة
تعكس هذه الخطوة الرسمية تصاعد ما يشبه التوجه المركزي نحو إعادة ضبط مسار الفن والإعلام في مصر، بما يتماشى مع رؤية النظام السياسي حول "بناء الإنسان المصري"، وهي العبارة التي كثيراً ما تتكرر في خطابات الرئيس السيسي.
وإذا كانت الدراما، في السابق، قد واجهت انتقادات من النقاد والمجتمع، فإن دخول الرئاسة مباشرة على خط التقييم، قد يفتح الباب أمام إعادة رسم العلاقة بين الدولة والمبدعين، وهو ما يُثير تساؤلات حول حدود الحرية الفنية في المرحلة المقبلة.