تشهد بحيرة طبريا في الآونة الأخيرة انخفاضًا ملموسًا في منسوب المياه، بفعل عوامل مناخية وطبيعية وبشرية متداخلة، أبرزها موجات الحر الشديدة، وتراجع كميات الأمطار، إضافة إلى تقلص تدفق المياه من الروافد الطبيعية المغذية لها من أنهر ووديان.
وقال د. طارق بصول، الباحث في الجغرافيا التاريخية والسياسية، في حديث لراديو الناس، إن "لفهم وضع بحيرة طبريا يجب النظر إلى هويتها الجغرافية والمناخية، فهي تقوم على ميزان بين الاستيعاب والاستغلال. الاستيعاب يتمثل في حجم المياه التي تدخل البحيرة سنويًا عبر نهر الأردن والأمطار، بينما الاستغلال هو ضخ المياه من البحيرة لصالح سكان المنطقة والمشروع القطري لنقل المياه".
طارق بصول: استمرار تراجع منسوب المياه في بحيرة طبريا يهدد الأمن المائي ويثير القلق
غرفة الأخبار مع عفاف شيني
04:43
وأضاف: "المشكلة تكمن في أن عملية الاستغلال ثابتة سنويًا، أما عملية الاستيعاب فهي تتراجع باستمرار نتيجة التغيرات المناخية، إذ شهدنا هذا الموسم كميات أمطار قليلة جدًا، ما أدى إلى انخفاض تدريجي في منسوب البحيرة".
وأشار بصول إلى أن الحديث عن ظهور جزيرة في وسط البحيرة ليس بالأمر الجديد كليًا، موضحًا: "هذه الجزر موجودة منذ ملايين السنين، لكن ما كان يغطيها هو منسوب المياه. ومع الانخفاض الحالي بدأنا نراها بالعين المجردة، وهذا أمر مؤسف بلا شك".
وحول المخاوف المتعلقة بالأمن المائي، قال بصول: "هذا الموضوع سيف ذو حدّين، فمن جهة قد تلجأ الدولة إلى وقف ضخ المياه من البحيرة لفترات زمنية محددة، سواء للاستخدام اليومي أو لمشروع المياه القطري، ومن جهة أخرى إذا لم يتم توفير بدائل مثل المياه الجوفية أو مياه تحلية البحر، فإن استمرار التراجع سيؤدي إلى مشكلة حقيقية في وفرة المياه ووصولها".
وتُعد بحيرة طبريا أكبر خزان طبيعي للمياه العذبة في البلاد، إذ لعبت دورًا مركزيًا في مشروع المياه القطري الذي أُنشئ في ستينيات القرن الماضي لتزويد مختلف المناطق بالمياه. ومع تزايد عدد السكان والاعتماد المتواصل على موارد البحيرة، تبرز تحديات جديدة تتعلق بكيفية الحفاظ على هذا المورد الحيوي وضمان استدامته للأجيال القادمة.