كشفت دراسة حديثة أُنجزت بالتعاون بين مركز "ركاز" للبحوث الاجتماعية ووزارة العمل، عن وجود علاقة طردية واضحة بين ارتفاع مؤشرات الإجهاد الحراري وبين ازدياد حوادث العمل في قطاع البناء، حيث ترتفع احتمالات الإصابة بنسبة تصل إلى 23% خلال الأيام التي تشهد إجهاداً حرارياً شديداً، وفق معطيات دائرة الأرصاد الجوية.
د. إيناس كيال طربيه: التغير المناخي يضع عمّال البناء في دائرة خطر أكبر للإجهاد الحراري الذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع واضح في حوادث العمل
المنتصف مع أمير الخطيب
04:34
وفي مقابلة خاصة لراديو الناس، أكدت د. إيناس كيال طربيه، مديرة مركز "ركاز" للبحوث الاجتماعية، أن المعطى الأخطر الذي كشفت عنه الدراسة هو ارتباط الارتفاع المتواصل في درجات الحرارة وتغيّر المناخ بتزايد المخاطر المهنية على العمال، خصوصاً أولئك الذين يعملون في الهواء الطلق. وقالت: "نحن نعيش فعلياً مرحلة تغيّر مناخي يزيد من موجات الحر ويمدّد مواسم الحرارة الشديدة، وهذا يضع عمّال البناء في دائرة خطر أكبر للإجهاد الحراري الذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع واضح في حوادث العمل".
وزارة العمل تطرح أنظمة جديدة
وأوضحت د. طربيه أن وزارة العمل نشرت الأسبوع الماضي مسودة أنظمة جديدة تهدف لحماية العمال من موجات الحر، مشيرة إلى أن أبرز بنودها فرض استراحة إلزامية كل ساعة على العاملين في مواقع البناء والبنى التحتية. وقالت: "المسودة الجديدة تقترح استراحة إجبارية لكل ساعة عمل في مواقع البناء، وآمل أن تكون هذه الاستراحة مدفوعة الأجر، لأن العامل لا يجب أن يتحمّل تكلفة حماية صحته".
وأضافت أن المسودة لا تزال بحاجة إلى ميزانية حكومية كي تصبح نافذة، لافتة إلى أن الحكومة الإسرائيلية تتباحث حالياً في ميزانية عام 2026، وبالتالي لم يُعرف بعد ما إذا كانت ستُقرّ خلال الفترة القريبة.
توصيات إضافية: ماء، وظلّ، ومراقبة درجات الحرارة
وبالإضافة إلى الخطوات الحكومية، شددت د. طربيه على أهمية الدور المباشر لأرباب العمل والعمال في تقليل مخاطر الإجهاد الحراري، قائلة: "نوصي العمال بالعمل أكثر في الظل كلما أمكن، وبضرورة توفير الماء البارد باستمرار في مواقع العمل. كما يجب مراقبة درجة الحرارة وإيقاف العمل فور الشعور بالتعب، لأن الإجهاد الحراري ليس أمراً بسيطاً وقد يؤدي إلى إصابات خطيرة".
وشرحت أنّ الإجهاد الحراري يُعرّف بأنه مزيج من الحرارة العالية والرطوبة المرتفعة، ما يمنع الجسم من تبريد نفسه عبر التعرّق، ويزيد من احتمالات الحوادث نتيجة الإرهاق وفقدان التركيز.
وفيما يتعلّق بالخطوات المقبلة، أكدت د. طربيه أن المسودة الحكومية يجب ألا تُناقش فقط في المؤسسات الرسمية، بل أيضاً في المجتمع نفسه، مضيفة: "نحن ننتظر أن تُطرح الأنظمة المقترحة لرأي الجمهور، وليس فقط للحكومة. من المهم أن يدلي الناس برأيهم في التشريعات التي تمسّ صحة العمال وسلامتهم".
ارتفاع لافت في إصابات العمل
وأشارت الباحثة إلى أن الفترة الأخيرة شهدت ارتفاعاً في إصابات وحوادث العمل، معتبرة أن تزايد موجات الحر وتغيّر المناخ يمثلان "عامل خطر إضافياً لا يمكن تجاهله".
وفي ختام المقابلة، قالت د. طربيه: "نحن نرى أرقاماً واضحة تؤكد زيادة الخطر بنسبة 23% في حالات الإجهاد الحراري الشديد. ولذلك، من الضروري حماية العمال وتطبيق إجراءات وقاية صارمة، لأن الصحة المهنية ليست تفصيلاً ثانوياً".


