تشهد الدوحة اليوم (الأربعاء) حراكاً دبلوماسياً وقضائياً واسعاً في أعقاب الغارة الإسرائيلية التي استهدفت قياديين في حركة حماس أمس في العاصمة القطرية.
وأفاد تقرير بثّته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) بأن السلطات القطرية قررت تشكيل فريق قانوني لبحث إمكانية مقاضاة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على خلفية ما اعتبرته الدوحة انتهاكاً للقانون الدولي إثر الهجوم.
وفي موازاة ذلك، كشفت وكالات أنباء أن الدوحة ستشهد خلال الساعات المقبلة وصول عدد من القادة العرب، من بينهم رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد وولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله الثاني. كما رجّحت المصادر أن يصل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى قطر غداً، في إشارة إلى تصعيد الاهتمام العربي بالملف بعد الهجوم الإسرائيلي والخطوات المترتبة على ذلك.
إسرائيل تبلغ واشنطن باحتمال فشل العملية
وعلى الصعيد السياسي–الأمني، نقلت هيئة البث عن مصادر إسرائيلية مطلعة على فحوى المحادثات بين واشنطن وتل أبيب قولها إن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بأن حظوظ نجاح العملية العسكرية في قطر قد تراجعت بشكل كبير، مضيفة أن "العملية لم تحقق الأهداف المرجوة، لكن ما زالت هناك تقييمات جارية ولم تُحسم النتائج بشكل نهائي".
جلسة طارئة لمجلس الأمن مساء اليوم
وبموازاة ذلك، يعقد مجلس الأمن الدولي مساء اليوم الأربعاء جلسة طارئة لمناقشة الغارة الجوية الإسرائيلية على العاصمة القطرية الدوحة، والتي استهدفت اجتماعاً لقادة حركة حماس، وفق ما أفادت مصادر دبلوماسية. ومن المقرر أن تبدأ الجلسة في الساعة 19:00 بتوقيت غرينيتش (العاشرة مساء بالتوقيت المحلي)، بطلب من الجزائر وباكستان.
وكانت دولة قطر قد وصفت الغارة بأنها "عملية غادرة مئة بالمئة" وتمثل "إرهاب دولة"، محذرة من أنها تهدد جهود السلام التي تقوم بها الدوحة كوسيط بين حماس وإسرائيل.
وفي ردود الفعل الدولية، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب عبر منصة "تروث سوشيال" إن الغارة كانت قراراً شخصياً من نتنياهو، مضيفاً أن الولايات المتحدة أُبلغت بعد تنفيذها وأنه وجه مبعوثه ووزير خارجيته للتواصل مع قطر وإنهاء الترتيبات الدفاعية، مؤكداً أن مثل هذا الهجوم لن يتكرر على الأراضي القطرية. وأضاف ترامب أن الهجوم المؤسف "قد يشكل فرصة لتعزيز جهود السلام".
تحركات عربية لعقد نقاشات عاجلة
صباح اليوم، صرحت دولة الكويت بأن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تقف مع أي إجراء قطري ضد هجوم "إسرائيل". يأتي ذلك في سياق تحركات لجامعة الدول العربية لانعقاد جلسة طارئة على مستوى وزراء الخارجية في العاصمة القطرية الدوحة وفقا لما ذكرته مصادر عربية.
وكانت إسرائيل قد نفذت غارة جوية على العاصمة القطرية الدوحة، أمس الثلاثاء، استهدفت قادة سياسيين لحركة ا(حماس)، وأثارت تنديدًا واسعًا من قطر ودول عربية وأطراف دولية، في حين وصف البيت الأبيض الهجوم بأنه أحادي الجانب ولا يخدم المصالح الأميركية والإسرائيلية.
ترامب "مستاء"
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن الغارة أثارت استياءه الشديد، مؤكّدًا أنه سيقدّم إفادة كاملة اليوم الأربعاء. وأضاف ترامب خلال تصريحاته في واشنطن: "لست سعيدًا بما حدث، إنه ليس وضعًا جيدًا، لكننا نريد استعادة الرهائن، ولا نرضى بالطريقة التي جرت بها الأمور." وأوضح أن الغارة تعتبر ضربًا لهدف يستحق الاهتمام، لكنها وقعت في دولة عربية حليفة للولايات المتحدة، مشددًا على ضرورة عدم تكرار مثل هذه العمليات على الأراضي القطرية.
وذكر ترامب أنه وجه مبعوثه ستيف ويتكوف ووزير خارجيته ماركو روبيو للتواصل مع قطر بشأن الغارة والتأكيد على أن واشنطن تعمل على تعزيز التعاون الدفاعي مع الدوحة.
تنديد عربي ودولي واسع
وأثارت الغارة موجة من التنديد على الصعيد الدولي، حيث وصفت السعودية الهجوم بأنه "اعتداء غاشم" على سيادة قطر، فيما نددت مصر بالغارة واعتبرتها تطورًا بالغ الخطورة. أما الاتحاد الأوروبي فاعتبر الهجوم انتهاكًا للقانون الدولي، بينما الإمارات وصفته بـ"الهجوم السافر والجبان" على دولة خليجية حليفة.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أكد دور قطر الإيجابي في جهود وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن، فيما دعا دعا البابا إلى توخي الحذر وتجنّب التصعيد العسكري، معبّرًا عن قلقه الشديد من تداعيات الغارة.
ويخشى مسؤولون سياسيون من أن العملية العسكرية في الدوحة تهدد المساعي الرامية لوقف إطلاق النار في غزة، وقد تعقّد جهود الوساطة الدولية بقيادة قطر ومصر، وتزيد من الضغوط على الولايات المتحدة لإيجاد حلول سياسية للنزاع المستمر منذ نحو عامين.
First published: 09:03, 10.09.25