ماكرون يستحضر صوت محمود درويش في الأمم المتحدة

قال: "على هذه الأرض ما يستحق الحياة، على هذه الأرض سيدة الأرض، أم البدايات أم النهايات، كانت تُسمّى فلسطين، صارت تُسمّى فلسطين، سيدتي: أستحق، لأنكِ سيدتي، أستحق الحياة".

1 عرض المعرض
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
(تصوير شاشة)
خلال كلمته في مؤتمر حلّ الدولتين المنعقد في مقرّ الأمم المتحدة، وبالتزامن مع إعلان فرنسا اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، استحضر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مقطعًا من قصيدة للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، وقال: "على هذه الأرض ما يستحق الحياة، على هذه الأرض سيدة الأرض، أم البدايات أم النهايات، كانت تُسمّى فلسطين، صارت تُسمّى فلسطين، سيدتي: أستحق، لأنكِ سيدتي، أستحق الحياة".
قصيدة "على هذه الأرض"
علَى هَذِهِ الأَرْض مَا يَسْتَحِقُّ الحَياةْ: تَرَدُّدُ إبريلَ, رَائِحَةُ الخُبْزِ فِي
الفجْرِ، آراءُ امْرأَةٍ فِي الرِّجالِ، كِتَابَاتُ أَسْخِيْلِيوس، أوَّلُ الحُبِّ، عشبٌ
عَلَى حجرٍ، أُمَّهاتٌ تَقِفْنَ عَلَى خَيْطِ نايٍ, وخوفُ الغُزَاةِ مِنَ الذِّكْرياتْ.
عَلَى هَذِهِ الأرْض ما يَسْتَحِقُّ الحَيَاةْ: نِهَايَةُ أَيلُولَ، سَيِّدَةٌ تترُكُ
الأَرْبَعِينَ بِكَامِلِ مشْمِشِهَا, ساعَةُ الشَّمْسِ فِي السَّجْنِ، غَيْمٌ يُقَلِّدُ سِرْباً مِنَ
الكَائِنَاتِ، هُتَافَاتُ شَعْبٍ لِمَنْ يَصْعَدُونَ إلى حَتْفِهِمْ بَاسِمينَ, وَخَوْفُ
الطُّغَاةِ مِنَ الأُغْنِيَاتْ.
عَلَى هَذِهِ الأرْضِ مَا يَسْتَحِقُّ الحَيَاةْ: عَلَى هَذِهِ الأرضِ سَيَّدَةُ
الأُرْضِ، أُمُّ البِدَايَاتِ أُمَّ النِّهَايَاتِ. كَانَتْ تُسَمَّى فِلِسْطِين. صَارَتْ تُسَمَّى
فلسْطِين. سَيِّدَتي: أَستحِقُّ، لأنَّكِ سيِّدَتِي، أَسْتَحِقُّ الحَيَاةْ.
محمود درويش: شاعر الأرض والهوية لم يكن هذا الاقتباس مجرّد لمسة شعرية في خطاب سياسي، بل إشارة مباشرة إلى مسيرة شاعر ارتبط اسمه بفلسطين وصار أحد أبرز رموزها الثقافية. وُلد محمود درويش عام 1941 في قرية البروة بالجليل، التي دُمّرت بعد النكبة، وعاش تجربة التهجير منذ طفولته. كتب قصائده الأولى في سن مبكرة ووجد في الشعر وسيلة لمواجهة محو المكان والذاكرة. اعتُقل أكثر من مرّة بسبب قصائده، وتحولت مجموعته الأولى "أوراق الزيتون" (1964) وقصيدته الشهيرة "بطاقة هويّة" إلى نشيدٍ احتجاجي يتردّد في المظاهرات والساحات. خلال مسيرته، لم ينحصر دور درويش في الشعر فحسب، بل انخرط في الحياة السياسية والثقافية، وكان عضوًا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وكتب وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطيني عام 1988. كما رأس مجلّات ثقافية بارزة مثل "شؤون فلسطينية" و"الكرمل"، وأسعى في تعزيز الدور الثقافي الفلسطيني على المستويين المحلّي والعالمي، لا سيّما مع ترجمة أعماله إلى أكثر من ثلاثين لغة. حصد درويش تكريمات عديدة، منها جائزة لينين للسلام ووسام الفنون والآداب الفرنسي، بالإضافة إلى جوائز عربية ودولية أخرى رسّخت مكانته كواحد من أهم شعراء العصر الحديث. رحل درويش عام 2008، لكنّ إرثه الشعري لم يغب عن المشهد. وماكرون، باستعادته مقطعًا من قصيدة كُتبت قبل عقود، أعاد التذكير بأنّ فلسطين ليست مجرّد قضية سياسية تُناقَش في قاعات التفاوض، بل هي أيضًا ذاكرة شعرية وثقافية وإنسانية حيّة.