أثارت الهجمات الصاروخية الإيرانية الأخيرة على مدن ومناطق داخل إسرائيل اهتمامًا واسعًا من قبل الجمهور، ليس فقط بسبب الإصابات المباشرة أو الأضرار الناجمة عن الشظايا، بل بسبب ظاهرة أقل وضوحًا وأكثر تعقيدًا: موجة الصدمة أو "موجة الانفجار" التي ترافق كل انفجار صاروخي وتُحدث تأثيرات مدمرة حتى في حال لم تقع الإصابة بشكل مباشر.
ما هي موجة الصدمة؟
موجة الصدمة (Shockwave) هي موجة ضغط هائلة تنتج عن الانفجار وتتحرك بسرعة تفوق سرعة الصوت، حيث تدفع الهواء المحيط بقوة هائلة وتولد ضغطًا شديدًا في كل الاتجاهات. تحدث هذه الظاهرة خلال أجزاء من الثانية فور الانفجار، وتكون قادرة على تحطيم الزجاج، تفجير الأبواب، هدم الجدران، وإحداث أضرار جسيمة في الأجسام والأبنية المحيطة.
بحسب خبراء في الفيزياء العسكرية، فإن موجة الصدمة تختلف عن الشظايا، فهي لا تعتمد على وجود جسم صلب بل على ضغط الهواء نفسه. وكلما كانت شدة الانفجار أقوى والمسافة أقرب، كلما كانت موجة الصدمة أكثر تدميرًا وخطورة على البشر والممتلكات.
كيف تتشكل موجة الصدمة؟
تتشكل موجة الصدمة عندما تنفجر مادة شديدة الانفجار وتُطلق كميات ضخمة من الطاقة خلال زمن قصير جدًا، مما يؤدي إلى ضغط هائل ومفاجئ في الهواء. هذا الضغط يتجه إلى الخارج على شكل موجة تنتقل بسرعة فائقة. في حال وقوع الانفجار في منطقة مأهولة أو داخل حي سكني، فإن الموجة ترتدّ من الجدران والسطوح وتخلق ما يُعرف بـ"موجات انعكاسية"، وهي تضاعف من التأثير وتزيد من الخطر.
وقد أظهرت مشاهد مصوّرة من مناطق مختلفة في تل أبيب ورمات غان وحولون، أن كثيرًا من الإصابات لم تكن ناتجة عن الشظايا أو الاصطدام المباشر، بل عن الضغط الناتج من موجة الصدمة: نوافذ تحطّمت، سيارات انقلبت، وأشخاص سقطوا أرضًا رغم بعدهم عن موقع السقوط المباشر للصاروخ.
الخطر على البشر والبنى التحتية
بحسب مصادر طبية فإن بعض المصابين قد لا تكون لديهم إصابات ظاهرية، بل نزيف داخلي في الأذنين أو الرئتين نتيجة تعرضهم لموجة صدمة قوية.
أما على مستوى الأبنية والبنية التحتية، فإن موجات الصدمة قد تتسبب بأضرار مخفية لا تظهر فورًا، مثل تصدّعات في الأعمدة الخرسانية، تلف في أنظمة الكهرباء أو المياه، أو انهيار أجزاء من السقف أو الحيطان بعد وقت قصير.
سبل الحماية من موجة الصدمة
يؤكد خبراء الجبهة الداخلية في إسرائيل أن أفضل وسيلة للحماية من موجة الصدمة هي الدخول السريع إلى غرفة محصّنة أو ملجأ تحت الأرض، مع التأكد من إغلاق الأبواب والنوافذ. كما يُنصح بعدم الوقوف قرب الزجاج أو الحيطان الخارجية، إذ إن الضغط الناتج من الموجة قد يحطم الزجاج إلى شظايا قاتلة حتى من مسافات بعيدة.
وفي حال عدم التمكّن من الوصول إلى غرفة آمنة، يُنصح بالانبطاح أرضًا وتغطية الرأس والانتباه لعدم التواجد قرب جدران مكشوفة أو أعمدة إنشائية.