الكشف عن تفاصيل جديدة حول ظروف قتل طواقم الإغاثة في رفح

تفاصيل جديدة حول إطلاق نار عشوائي من الجيش الإسرائيلي على قافلة إغاثة في رفح ودفن الجثث وسحق المركبات لإخفاء الواقعة

راديو الناس|
2 عرض المعرض
انتشال جثث عمال الإغاثة في القطاع، في شهر آذار
انتشال جثث عمال الإغاثة في القطاع، في شهر آذار
انتشال جثث عمال الإغاثة في القطاع، في شهر آذار
(تصوير: من حساب X الخاص بـ Jonathan Whittall)
كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية في تقرير مفصل عن وقائع خطيرة تتعلق بمجزرة ارتكبها جنود من وحدة سريّة جولاني التابعة للجيش الإسرائيلي بحق قافلة من عمال الإغاثة في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حيث أطلق الجنود النار بشكل عشوائي ومكثف لمدة ثلاث دقائق ونصف على القافلة من مسافة قريبة جداً، مع استبدال عدة خزائن ذخيرة، رغم أن طواقم الإغاثة حاولت التعريف بنفسها، وتحركت في طريق مصرح به ولم يكن يتطلب تنسيقاً مسبقاً.
تجاوزات في الأوامر وتضليل في الرواية العسكرية
وفقًا للمواد التي جمعها الجيش بعد الحادثة، فإن نائب قائد الكتيبة المسؤولة عن القوة قرر بشكل فردي تجاوز المهمة الأصلية التي أوكلت إليه، والتي كانت تقضي بتنفيذ كمين ضد عناصر من حماس كانوا يُعتقد أنهم سيهربون من حي تل السلطان في رفح خلال هجوم مخطط له في اليوم التالي. وقد تمركزت القوة في طريق مسموح فيه بالحركة للمدنيين وعمال الإغاثة، بخلاف ما جاء في البيان الأولي للجيش.
الجنود، الذين تمركزوا في منطقة مرتفعة لا يمكن رؤيتهم منها، أطلقوا النار بدايةً على سيارة إسعاف كانت تمر بأضواء وامضة، دون أن يكون هناك تهديد فعلي. واستندت مزاعم القوة بأنهم هاجموا "عناصر من حماس" إلى استجواب أجراه جندي لا يتقن العربية مع أحد الناجين من الحادثة.
تفاصيل الليلة الدامية: رصاص مكثف وأوامر بالقتل والتستر
في ليلة 23 إلى 24 مارس، وقبيل هجوم مباغت خطط له الجيش في حي تل السلطان، انتظرت القوات حركة عناصر من حماس إلى منطقة رفح من المناطق الإنسانية في المَوَاسي، حيث كانوا يختبئون. قوة جولاني المكلفة بتنفيذ الكمين خرجت حوالي الساعة 02:00 ليلاً وتمركزت في الطريق الذي سيسلكه المدنيون خلال الإخلاء المرتقب.
عند الساعة 03:30، أبلغت قوة أخرى في المنطقة عن حركة لسيارات إسعاف في الطريق، دون وجود شبهات. وبعد حوالي نصف ساعة، مرت سيارة إسعاف أمام كمين جولاني، حينها أمر نائب قائد الكتيبة بفتح النار عليها. قُتل اثنان من عمال الإغاثة واعتُقل ثالث. عقب ذلك، وبدلاً من الانسحاب، واصل الجنود التمركز في نفس النقطة، بأمر من قائد الكتيبة، بعد أن اعتبروا أن عنصر المفاجأة لم يُفقد.
لاحقًا، وصلت قافلة أخرى من سيارات الإسعاف والإطفاء إلى المكان بأضواء واضحة. على الرغم من وضوح هويات طواقم الإغاثة وابتعادهم عن موقع الكمين، أمر نائب القائد بإطلاق النار مجددًا. بدأ الجنود بإطلاق نار عشوائي وكثيف دام ثلاث دقائق ونصف، استخدموا خلاله عدة خزائن ذخيرة، وقتلوا 12 من عمال الإغاثة رغم صراخهم ومحاولاتهم التعريف بأنفسهم.
فوضى ميدانية وتخبط في التنفيذ
كشف التحقيق عن حالة من الفوضى بين الجنود أثناء الهجوم الثاني، حيث لم يلتزموا بتشكيل قتالي منتظم، مما عرضهم لخطر النيران الصديقة. وأفاد التحقيق بأن الجنود استمروا في إطلاق النار رغم توقف أي تهديد من الطرف الآخر، وبدا جليًا من التسجيلات التي يحتفظ بها الجيش أن الطواقم لم تكن مسلحة.
في خضم الفوضى، وصل موظف من وكالة الأونروا بسيارة أممية تحمل شعارات واضحة وأضواء مضاءة. رغم عدم تهديده للقوة وعدم اقترابه منهم، قرر نائب القائد إطلاق النار عليه وقتله.
2 عرض المعرض
الهلال الأحمر الفلسطيني
الهلال الأحمر الفلسطيني
الهلال الأحمر الفلسطيني - صورة توضيحية
(فلاش 90 )
دفن الجثث وتدمير الأدلة الميدانية
بعد انتهاء المجزرة، أمر قائد الكتيبة بدفن جثث الضحايا وسحق سيارات الإسعاف لإخفاء الأدلة، خشية من انكشاف خطة الهجوم. لم يُطرح خيار نقل الجثث إلى إسرائيل أو تسليمها لجهات دولية. بعد الحادثة بساعات، وفي ظل إدراك الجيش لخطورة الموقف، تم تسريع الهجوم المخطط له بساعتين، وبدأ الإخلاء للسكان في الساعة 06:00.
صباح اليوم التالي، أبلغ الجيش جهات دولية بمكان دفن الجثث، ولكن لم يتم العثور عليها. بعد يوم، عاد قائد الكتيبة بنفسه إلى الموقع، استخرج الجثث وغطاها بالرمال، محدداً الموقع لإعادتها لاحقاً.
التحقيقات العسكرية والعقوبات
التحقيق العسكري، الذي ترأسه اللواء احتياط يوآف هار إيفن، حاول مواجهة الانتقادات الدولية لكنه لم يكشف كامل التفاصيل. رئيس الأركان إيال زمير قرر إقالة نائب قائد الكتيبة بسبب مسؤوليته، فيما حصل قائد الكتيبة على توبيخ رسمي. التحقيق لم يقتنع برواية نائب القائد، الذي ادعى أنه لم ير أضواء سيارات الإسعاف، واعتقد أنها سيارات للشرطة التابعة لحماس.
First published: 07:19, 23.04.25