اكتُشفت في وادي سخنين أداة حجرية يدوية تعود إلى مئات آلاف السنين، يُعتقد أن إنسان "الهومواركتوس" هو من نحتها واستخدمها.
وقد تغيّر جذريًا هذه الأداة التي عثر عليها الباحث الهاوي، معتز شلاعطة، المفهوم السائد حول القدرات العقلية والتقديرية للإنسان القديم.
بداية سلسلة اكتشافات
في صيف 2023، عثر شلايطة، وهو من مدينة سخنين ويبلغ من العمر 42 عامًا، على أداة حجرية خلال تجواله المعتاد في أحد تلال الوادي. ولم تكن هذه سوى بداية سلسلة اكتشافات أثارت اهتمام الأوساط الأكاديمية.
فمع مرور الوقت، تم العثور على عدد كبير من الأدوات المماثلة، بعضها مدمج مع حفريات، ما يشير إلى إمكانية وجود وعي جمالي أو رمزي لدى الإنسان الذي صنعها.
سمات تصميمية وجمالية واضحة
ولفت هذا الاكتشاف انتباه البروفيسور ران بركائي من جامعة تل أبيب، أحد أبرز خبراء العصور الحجرية في المنطقة، حيث بدأ بعد زيارة ميدانية للموقع إلى جانب شلاعطة بدراسة موسّعة للأدوات التي عُثر عليها، مؤكدين أن بعض هذه الأدوات لا تقتصر وظيفتها على الاستعمال العملي فحسب، بل تحمل سمات تصميمية وجمالية واضحة.
ويشير بركائي إلى أن عددًا من الباحثين يرفضون الاعتراف بأن الإنسان القديم، وخاصة قبل ظهور الـ"هوموسابينس"، كان يتمتع بقدرات إدراكية متقدمة، إذ يعتبر التيار الأكاديمي السائد أن الوعي الرمزي والتقدير الجمالي هما من خصائص الإنسان الحديث فقط.
الإنسان القديم ليس بدائيًا
غير أن تحليل الأدوات في سخنين، خصوصًا تلك المصنوعة من صخور تحتوي على نقوش أو حفريات بحرية، يدعم فرضية أن الإنسان القديم لم يكن مجرد كائن بدائي بل كان يلاحظ الجمال ويقدّره.
كما برز في الموقع نوع من الحجارة المستديرة تُعرف محليًا باسم "تفاح إلياهو"، وهي أحجار لا تُستخدم عمليًا في القطع أو النحت، ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت تُجمع لأسباب رمزية أو شعائرية.
تسجيل الموقع رسميًا
ويطمح الباحثان إلى تسجيل الموقع رسميًا كموقع أثري معترف به، وعرض الاكتشافات في محافل دولية.
ويرى شلاعطة أن هذه الحجارة تحمل رسالة إنسانية تتجاوز حدود الزمن، مؤكّدًا أن الإنسان القديم كان جزءًا من منظومة بيئية متكاملة ولم ينفصل عنها كما نفعل نحن اليوم.